أشرتم إلى أن حياة الأغنياء ليست حياة سعيدة، مع أنه يمكن الجمع بين الحياة السعيدة والإيمان، والمال كما هو الحال مع بعض المعاصرين، وكذلك السلف الصالح، من أمثال عثمان بن عفان رضي الله عنه وعبد الله بن المبارك رحمه الله، وغير ذلك، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
الجواب
وجزاك الله خيراً على هذا الاستدراك، فقد يفهم من كلامي أنني أقول: إن المال لا يجر سعادة، لا.
أنا أقول: إن المال المجرد من الإيمان والعمل الصالح لا يجر إلا العذاب، أما إذا كان الإيمان والمال معاً إيمان وكذلك عمل صالح فـ (نعم المال الصالح في يد العبد الصالح) وهذا الحديث رواه الإمام أحمد في المسند ورواه أهل السنن.
وقد جاء هذا الحديث في قصة، أن الرسول صلى الله عليه وسلم استعمل عمرو بن العاص على غزوة اسمها أوطاس، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله: من أحب الناس إليك؟ فقال: أبو بكر.
وسار يسأل الصحابة، كان يظن عمرو رضي الله عنه أن الرسول إنما استعمله لأنه أحب الناس إليه، لكن لا شك أنه محبوب ومن الصحابة ورضي الله عنه، لكن ليس كمنزلة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، فقال له الرسول:(إنما استعملتك يا عمرو لعل الله أن يفتح عليك من هذا الخير-يعني الدنيا- قال: يا رسول الله! ما على هذا اتبعتك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا عمرو! نعم المال الصالح في يد العبد الصالح) فإذا رزقك الله الإيمان ورزقك العمل الصالح، ثم منَّ الله عليك بالرزق الحلال، واستعنت به في وجوه الخير، ولم تنس نصيبك من الدنيا، سكنت طيباً وركبت وثيراً، ولبست جديداً، وأكلت طيباً، وتزوجت زوجة جميلة، لكن هذه النعم لم تشغلك عن دين الله، ولم تعطلك عن الدعوة إلى الله، فأنت في سعادة الدنيا والآخرة، لكننا نعني بالدنيا المرفوضة والمال المرفوض، هو الذي جرد من الدين، فجمع من الحرام وصرف في الحرام، وشغل عن الدين وعن الطاعة، هذا مال -والعياذ بالله- زاد إلى النار، وصاحبه ممقوت في الدنيا والآخرة.