كان لـ ميمون بن مهران -رضي الله عنه- في بيته قبر وكان كثير العبادة، فإذا فتر دخل في القبر، وقال لزوجته وأولاده: صفوا عليّ اللحود، وإذا أفلحوا منه قال: إذا سمعتموني أصرخ فافزعوا إليّ؛ فيصرخ يقول: رب ارجعون، رب ارجعون، رب ارجعون.
فيأتي أهله ويفتحون عليه؛ فيقول لنفسه: يا ميمون: قم واعمل صالحاً قبل أن تقول: رب ارجعون فلا تجاب.
فيقوم من قبره وهو أنشط ما يكون ليباشر عمله الصالح.
يقول الله في الحديث القدسي:(يا بن آدم! خلقتك لعبادتي فلا تلعب، وتكفلت لك برزقك فلا تتعب){وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات:٥٦]{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}[المؤمنون:١١٥ - ١١٦].
من ثمار الدين أن ينزع الله من قلبك القلق ويعطيك الطمأنينة؛ لأنك تعمل للآخرة، وعندك مؤهلات ترجو النجاة بها في الآخرة؛ فيحصل في قلبك الأمن، وهو الذي يقول الله فيه:{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ}[النحل:٩٧]{فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}[النحل:٩٧] ما هي الحياة الطيبة؟! يأكل برتقالاً أبو سرة، وتفاحاً أبو دمعة، وموزاً أبو نقطة، هذه ليست بحياة طيبة؛ هذه حياة الكلاب والحمير، أما إذا كان هناك دين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}[البقرة:١٧٢] لكن إذا لم يكن هناك دين {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ}[المرسلات:٤٦]{إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ}[الغاشية:٢٥] الطريق يمر بمنكر ونكير {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ}[الغاشية:٢٦].
فثمرة من ثمار الدين أن الله يقول:{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}[النحل:٩٧] اللهم إني أسألك من فضلك {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[النحل:٩٧] يعني: في الآخرة.