إبليس هو أول عدو في طريق المؤمنين إلى دار السلام، نبه الله على عداوته، فقال:{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً}[فاطر:٦] لكن الحقيقة المرة: أن أكثر الناس اتخذه صديقاً، يقول بأن الشيطان عدوه، ولكنه في الحقيقة صديقه، يأمره الله بقراءة القرآن، ويأمره الشيطان بالغناء فيستمع الغناء ويترك القرآن، أليس هذا حقيقة؟!! ولو أجرينا استفتاء أو إحصائية لمن يستمع القرآن ويداوم عليه باستمرار، ومن يستمع الغناء ويداوم عليه باستمرار، لوجدنا فارق النسبة كبيراً بين من يستمع الأغاني ويترك القرآن، وإذا قلت له: الشيطان عدوك أم صديقك؟ قال: الشيطان عدو لي لعنة الله عليه، عدو لكنه راقد فوق رقبته! عدو لكنه يقوده ويوجهه! يلف بك على كل شر عنده، ما هو عدو لك بل صديق، الشيطان يأمر بالربا والله يأمر بالبيع، قال الله:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا}[البقرة:٢٧٥] ولكن تجد سوق أرصدة المسلمين في بنوك الربا وتجدها بالمليارات ويرابون ويقولون: هذا ليس ربا، هذه فوائد، وهي في الحقيقة خسائر ونكبات ودمار؛ لأن الله ما أذن على صاحب ذنب كما أذن على صاحب الربا، وكيف تحارب ربك والله غالب على أمره.
تخرج بعماراتك وسياراتك ودكاكينك وأكياسك ورتبتك تحارب ربك، لو سلّط عليك جندياً من جنوده البسطاء ما تقدر له.
سلط الله على النمرود بعوضة كجندي بسيط من الجنود، دخل من أنفه واستقر في دماغه وامتص دمه، وتربى على مخّه حتى أصبحت كالحمامة في رأسه، وكانت تضطرب باستمرار، فدخل عليه رجل من خدامه وعبيده قال: اضرب رأسي، فضرب رأسه بالسيف فشقه نصفين، ونزل السيف على جناح البعوضة فكسره، فقالت: ربي دخلت بطاعتك، والآن انكسر جناحي، قال: تريدين دية أم تريدين جناحاً؟ قالت: ما هي الدية؟ قال: مثل الدنيا منذ خلقتها حتى أفنيها، قالت: ما أريدها، أريد جناحي، وإذا الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة.
أنت ضعيف تحارب خالقك! قال الله عز وجل:{فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}[البقرة:٢٧٩] يعني الذي يرابي قد أعلن الحرب على الله، والحرب قائمة الآن بينه وبين الله، ولكن الغلبة لمن؟! لله، من الذي يستطيع أن يغلب ربه؟!!