سائل يطلب منكم أن تدعو له في ظهر الغيب فإن عليه ديناً كثيراً، وآخر يسأل أن تدعو له جهاراً بالثبات على الدين؟
الجواب
أما الأول الذي عليه دين؛ فنسأل الله أن يقضي دينه، ولكن نقول له: انو الأداء؛ لأن من استدان ونيته الأداء أدى الله عنه، ومن استدان ونيته الإتلاف أتلفه الله، فمن الناس من يتورط في الديون وله نية على ألا يسدد، فهذا يتلفه الله؛ لأنه يريد إتلاف أموال الناس، ولهذا يتورط ويتوسع فيأخذ سيارة ديناً وهو يعرف أنه لا يستطيع أن يسدد، هذا متلاعب ومتهوك، ولا يجوز له أن يعمل هكذا؛ لأن كل شيء يمكن إلا الدين، الدين هذا يقول عليه الصلاة والسلام فيه:(والذي نفسي بيده! لو مات أحدكم شهيداً ما دخل الجنة حتى يوضع عنه دينه) نعم.
الدين همٌ في الليل ومذلةٌ في النهار، وصبرك على نفسك أولى من صبر الناس عليك، وتعيش عزيزاً بأقل شيء من التكاليف التي تعيش عليها أفضل من أن تعيش ذليلاً تأتي بوجهك إلى كل شخص، لماذا؟ لأنك تريد سيارة جديدة، وكنباً، وغرفة نوم بخمسة عشر ألف ريال، وتريد من حقوق الناس، ماذا ينفعك؟ لا والله، نم على الحصير، وكل العيش الناشف، واسكن في كوخ وأنت عزيز النفس، سليم الذمة، بريء من هذا، فإذا كان عليك دين: أولاً: لا تتوسع في الديون.
ثانياً: انو الأداء.
ثالثاً: ضع برنامجاً للقضاء: مثلاً إذا كان راتبك ثلاثة آلاف ريال: حدد مصروفاتك واقتصرها إلى أضيق نطاق، وليس ضرورياً أن تشتري كل يوم لحماً، أو دجاجاً، أو سمكاً، إذ يمكنك أن تأكل في اليوم حبة بطاطة وعليها خيار وبصل وخبزة، وهذا مثل سَمكٍ بستين أو بسبعين ريالاً والإنتاج واحد، بل كلما كان الطعام أغلى كلما كان الطعام أخس في البذل، وقد سألت أحد الأطباء عنده دكتوراه في التغذية على أحسن الأطعمة، قال: أعطيك كلمة، قلت: نعم.
قال: أرخص الأطعمة هي أنفع الأطعمة، وأغلى الأطعمة هي أضر الأطعمة، يقول: فأنت اكتفي -يا أخي- بشيء بسيط من الأكل، ووفر نقوداًَ من راتبك واقض دينك، ضع لهذا اليوم ألفاً، والشهر الثاني ضع ألفاً وهكذا، وبعد سنة أو سنتين تكون قد انتهيت من الدين، لكن بعضهم متورط في الديون، والأكل من أحسن ما يمكن، والسيارة بدل سيارة، والفرش والموكيت يغير كل سنة، والزوجة ذهبها من يدها إلى كوعها، والديون مائتين أو ثلاثمائة ألف، ويقول: ادع الله أن يقضي ديني، كيف يقضي دينك وأنت لا تشعر بأنك مديون؟ نسأل الله أن يقضي دينك، ولكن أعنا على نفسك بهذا الترتيب.
أما الأخ الذي يطلب أن ندعو الله له بالثبات؛ فنسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يثبتنا جميعاً، وهذا الدعاء من وسائل الثبات، إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد الثابتين يقول:(يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك قال الصحابة له: أتخشى وأنت من الله بالمكان الذي أنت منه؟ قال: كيف لا أخشى وقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء) والله يثني على أهل الإيمان ويقول: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}[آل عمران:٨] فنحن نقول: اللهم ثبتنا بالقول الثابت يا رب العالمين حتى نلقاك، اللهم كما أنعمت علينا بنعمة الإسلام فلا تنزعه منا حتى نلقاك يا رب العالمين.