هذه الأيام مطايا أين العدة قبل المنايا أين العزائم أرضيتم بالدنايا؟ إن بلية الهوى لا تشبه البلايا وإن خطيئة الأحرار لا كالخطايا قضية الزمان لا كالقضايا! ملك الموت لا يعرف الوساطة ولا يقبل الهدايا
أيها الشاب! ستسأل عن شبابك أيها الكهل! تأهب لعتابك أيها الشيخ! تدبر أمرك قبل سد بابك يا مريض القلب قف بباب الطبيب يا منحوس الحظ اشك فوات النصيب
لذ بالجناب ذليلاً وقف على الباب طويلاً فأنت بداء التفريط والتسويف عليلا
يا من عليه نذر الموت تدور يا من هو مستأنسٌ في المنازل والدور لا بد من الرحيل إلى دار القبور والتخلي عما أنت به مغرور غرك والله الغرور بفنون الخداع والغرور يا مظلم القلب وما في القلب نور الباطن خراب والظاهر معمور إنما ينظر إلى البواطن لا إلى الظهور لو تفكرت في القبر المحفور وما فيه من الدواهي والأمور كانت عين العين منك تدور
يا من يجول في المعاصي قلبه وهمه يا معتقداً صحته فيما هو سقمه يا من كلما زاد عمره زاد إثمه يا طويل الأمل وقد تيقن أن اللحد عما قليلٍ يضمه استدرك العمر قبل رحيله فكيف نعظ من قد نام قلبه لا عينه وجسمه
قال الفضيل بن عياض رحمه الله:[إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار، فاعلم أنك محروم، كبلتك خطيئتك].
فيا عباد الله! الحكمة التي خلقكم الله من أجلها هي العبادة، والذي لا يسير في هذه الحكمة ولا يمشي في هذا الخط سيعيش في عذاب، شاء أم أبى، يقول الله تعالى:{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}[الزخرف:٣٦ - ٣٧].
بالإيمان تعيش سعيداً، وبالإيمان تموت سعيداً حينما يأتيك الطلب الذي لا يستطيع أن ينجو منه أحد الموت قاهر الجبابرة قاهر العظماء لا يمتنع منه أحدٌ لا ملك بملكه ولا أميرٌ بإمارته ولا تاجرٌ بتجارته ولا قوي بعضلاته ولا عالمٌ بمعارفه لكن الكل يموتون:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}[الزمر:٣٠] وهذه القضية عبر الاستطراد والاستقراء للتاريخ ما علمنا أن أحداً شذ عنها، هل سمعتم بأن إنساناً استطاع أن ينجو من الموت؟ لا.