من المعاني يقول النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث في الصحيحين:(للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه).
كلنا -أيها الإخوة- نشعر بالأولى، أليس كذلك؟ وأسأل الله كما أشعرنا بالأولى أن يشعرنا بالثانية، فكما فرحنا في الفطر أن نفرح بلقاء الله عز وجل، ولا يوجد شخص في الدنيا عند الإفطار وهو غضبان، فإنهم كلهم مسرورون، حتى الغضبان يضحك في تلك اللحظة، لماذا؟ لأنها ساعة فرحة، وليس من الجوع، فهل ترون أحداً في ساعة الإفطار في الشوارع؟ تكون مقفلة، والدكاكين مقفلة، والسيارات موقفة، وعجلة الحياة كلها موقفة، والناس على السفرة ليس بسبب الجوع، بإمكان الشخص أن يصبر ثلاث ساعات أو أربع ساعات، لكنه يريد أن يلحق تلك اللحظة وهي لحظة الفرحة، ولذا إذا أفطر أهله؛ لأنه تأخر في مكان أو شيء، وجاء بعدهم بنصف ساعة وقدموا له فطوراً فما كأنه أفطر، يقول: فاتتني.
ما هو الذي فاته؟ هل فاته التمر؟ التمر موجود، هل فاتته الشربة؟ الشربة موجودة، إنما فاتته اللحظة، (وفرحة عند فطره) ما هي فرحة الإفطار؟ يقول العلماء: إنها فرحة التوفيق لأداء هذه العبادة، فرحة أن الله عز وجل قبل منك هذه العبادة، فرحة أنك أفطرت بأمر الله، فالله أمرك أنه بمجرد غروب الشمس أن تفطر، يقول عليه الصلاة والسلام:(إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا فقد أفطر الصائم) وقال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}[البقرة:١٨٧]، أنت تمسك بأمر الله وتفطر بأمر الله، فهي فرحة عند الفطر.
وفي هذا الحديث يقول الشيخ سلمان في كتابه: إن هذا الحديث له بشرى بسعادة الدارين: سعادة الدنيا، وسعادة الآخرة؛ فسعادة الدنيا تحققت بالفرحة عند الإفطار، هل يجدها الذي لم يصم؟ لا يجد هذه الفرحة، فبعض النساء حائض وأفطرت بعذر شرعي، وبعض الناس مريض أفطر بعذر شرعي، فإذا جاء الفطور ودعوه وقالوا له: تعال كُلْ.
فيأتي يأكل، لكن هل هو فرحان؟ يقول: والله فاتني ليتني صمت، والمرأة تقول: الله يعينني على هذه الأيام، الحمد لله على كل حال، وتجدها منكسرة القلب وغضبانة ومهمومة وتقول: لو أني صائمة.
وبعض النساء من مبالغتها تصوم وهي حائض، وتقضي كذلك، لكن تقول: أريد أن أصوم ولو أنها حائض، رغم أنه لا يجوز أن تصوم وهي حائض؛ لأن عليها أن تفطر ولو لم تأكل شيئاً فإنها مفطرة، حتى لو قالت: أنا سأصوم؛ لأن الصيام ليس فقط مجرد الإمساك عن الطعام والشراب، فهي مفطرة بعذر الحيض، وعليها أن تقضي هذه الأيام.