والعقل يسميه العلماء مستشار ثانياً للقلب، لكن مقاييس العقل مقاييس المصالح، والمفاسد، والنتائج، والمقدمات، والآثار، ليس مثل النفس، النفس شهوات، لكن العقل لا ينظر للشهوة، وإنما ينظر للأثر والنتيجة، وينظر للمصلحة والمفسدة، لكن أحياناً لا يستجاب لإشاراته، يشير على القلب ولكن ضغط النفس أكبر من ضغط العقل، فيرفض القلب وتستمر النفس في الضغط حتى تنفذ آراءها، وأضرب على هذا مثالاً: الذي يدخن أليس عنده قناعة من عقله أن التدخين مضر؟ لا يوجد أحد في الدنيا يقول: التدخين ينفع، حتى الشركة التي صنعت الدخان كتبت عليه: التدخين مضر بصحتك، ولا يوجد طعام في الدنيا أو صناعة في الدنيا تصنع إلا ولها دعاية إلا الدخان، شركته تكتب عليه دعاية ضده، ولا يوجد طعام إلا وله تاريخ بداية ونهاية إلا الدخان فاسد من يوم ما صنعوه، وليس له تاريخ نهاية؛ لأنه فاسد من أول ما صنع، ومع هذا تجد الرجل يدخن، لماذا؟ لأن نفسه أقوى من عقله.
العقل يقول: هذا يضر، والنفس تقول: لا يضر (دخن عليها تنجلي) والضرر يمكن أن نكافحه، وهو يعرف أنه لا يقدر أن يكافحه، سرطان الرئة يأتي من الدخان، وكثير من الأمراض ما لها علاج سببها من الدخان.
إذاً العقل هنا ليس مطاعاً في ظل هيمنة النفس، متى يطاع العقل؟ قال العلماء: إذا ضعفت النفس قوي العقل، إذا كان مستنيراً بنور الكتاب والسنة، فإن العقل يقول لها: لا.