للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم كشف المرأة لوجهها]

السؤال

هناك كثير من الناس الفضلاء والذين نعدهم من الصالحين ونحسبهم والله حسيبهم، يسمحون لزوجاتهم بكشف الوجه إذا ركبوا في السيارة، وتبقى امرأته معه حاسرة الوجه، بل ربما حاسرة الرأس، مما يولد في القلب شيئاً من الاستحقار لهذا الشخص، كيف يرضى بذلك وهو يعرف أن الأدلة على تحريم ذلك كالشمس في رابعة النهار؟

الجواب

نعم.

بعض الإخوة يتساهل في هذا الأمر، ويكشف وجه زوجته في سيارته، ومعروف أن وجه الزوجة هو مجمع الفتنة، وهو عنصر وجماع كل شيء؛ لأنه من المعروف أن المرأة تغطي وجهها منذ زمن بعيد، فالحجاب حجاب الوجه؛ لأن الوجه مجمع الزينة: فيه العين، والأنف والشفتان، والأسنان، والخدان، وكل شيء في الوجه، ولذا إذا أردت أن تتزوج بامرأة، ماذا ترى فيها؟ تنظر إلى وجهها، فإذا أعجبك وجهها زال كل شيء، فالإنسان زينته في وجهه، فالله أمر بتغطية الوجه؛ لأنه قال: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} فلا يضرب الخمار على الجيب إلا مروراً بالوجه، والله عز وجل يقول: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:٣١] نهى الله المرأة أن تضرب برجلها حتى لا تفتن، فكيف يسمح لها بأن تكشف وجهها، والأدلة الصريحة الصحيحة من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ترد قول من يقول بكشف الوجه، ولا دليل معهم إلا دليل ضعيف لا يحتج به وإما منسوخ، ومن أراد المزيد في المسألة والتحقيق فليقرأ كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ محمد الأمين الشنقيطي، عند الكلام على قول الله عز وجل: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور:٣١] تكلم هناك على كلمة (ما ظهر منها) وما المقصود بها، وبين أن الزينة التي عفي عنها هي الزينة المكتسبة؛ لأن الله قال: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور:٣١] والضمير عائد على أقرب مذكور كما هو معروف في اللغة، وأقرب مذكور هنا الزينة، والزينة قسمان: زينة مكتسبة، وزينة خلقية، زينة يضيفها الإنسان، وزينة خلقها الله فيه، نرجع إلى كلمة الزينة في القرآن كله، نجد أن القرآن استعمل كلمة الزينة في الزينة المكتسبة، قال الله في قارون: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} [القصص:٧٩] أي في هيلمانه ورجاله، وما أضيف حوله، والزينة في القرآن كلها مقصود بها الزينة الخلقية، فالله عفا عن المرأة {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور:٣١] لا تبدي زينتها {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور:٣١] أي: إذا لبست عباءتها، وخرجت منتقلة من بيتها إلى بيت جارتها، أو عملها، أو مدرستها، أو أي شيء، ورغم هذا ففيه فتنة.

أما ترون المرأة إذا مرت وهي متغطية من رأسها إلى قدمها، لكن الشيطان يفتن بها، ولكن هذا أمر خارج عن إرادتها، فماذا تفعل؟ هل تدفن نفسها في الرمل، أم تتخذ نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء، قال الله: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور:٣١] هذا هو المعفو عنه.