[صفة عرائس الجنات]
يقول ابن القيم: وإن سألت عن عرائسهم فهن الكواعب الأتراب، الكاعب: المرأة التي لها ثدي لم يتدل ولا يزال في مكانه، أتراب: في سن واحدة لسن بعجائز ولا صغار كلهن في سن واحدة، اللاتي جرى في أغصانهن ماء الشباب، فالحيوية والشباب تجري في كل عرق من عروقها، فللورد والتفاح ما لبسته الخدود -إذا رأيت وردة أو تفاحة فهذا هو شكل خد الحورية- وللرمان ما تضمنته النهود، وللؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور، وللرقة واللطافة ما دارت عليه الخصور، تجري الشمس من محاسن وجهها إذا برزت، ويضيء البرق من ثناياها إذا ابتسمت، إذا ضحكت في وجه زوجها يضيء في الجنة برق، فيرفع أهل الجنة وجوههم ورءوسهم إلى السماء: ما هذا؟! قالوا: هذه حورية تبسمت في وجه زوجها، مثل البرق -نسأل الله من فضله-.
إذا قابلت زوجها فقل ما تشاء من تقابل النيرين -أي: الشمس والقمر- وإن حادثته فما ظنك بمحادثة الحبيبين، يرى وجهه في صحن خدها وفي صدرها وفي كبدها كما يرى في المرآة التي جرى صقلها، ويرى مخ ساقها من وراء الحلل لا يستره جلدها ولا عظمها ولا حللها، لو اطلعت على الدنيا لملأت ما بين الأرض والسماء ريحاً، حتى لو أن شخصاً مزكوماً في المشرق وهي في المغرب فإنه يشمها، رائحة ليست من روائح الدنيا، لو اطلعت على الأرض لملأت ما بين السماء والأرض ريحاً، ولاستنطقت أفواه الناس تهليلاً وتكبيراً وتسبيحاً، كل شخص ينظر إليها يقول: لا إله إلا الله! شيء مدهش! شيء يثير العجب! ولتزخرف لها ما بين الخافقين، ولأغمضت عن غيرها كل عين، ولطمست ضوء الشمس، ولآمن من على ظهرها بالله الواحد القيوم.
نصيفها -الخمار- على رأسها خيرٌ من الدنيا وما فيها، ووصلها أشهى له من جميع أمانيها، لا تزداد على طول الزمان إلا حسناً وجمالاً، ولا يزداد على طول المدى إلا محبةً ووصالاً، مبرأة من الحمل والولادة، والحيض والنفاس، زوجة الدنيا شهر واحد شهر العسل، وبعد ذلك قالت: حملت، إذاً خذ المصائب من يوم أن تحمل، فتتقيأ ثلاثة أشهر، وكذلك تخاصمك على أقل مشكلة، يسمونه وحماً، وبعد ذلك حملت وولدت، ثم تهتم بالولد وجعلتك بعيداً منها، هذه زوجة الدنيا، لكن زوجة الآخرة، لا.
لا يوجد حمل، تأتيها بكراً وتعود وهي بكر، يعود لها كما كانت وكما خلقها الله عز وجل، وبعد ذلك لا يوجد نفاس ولا حيض ولا ولادة، وبعد ذلك مطهرة من المخاط، ومنظفة من البول والغائط والبصاق وسائر الأدناس، لا تزداد مع طول الزمان إلا حسناً وجمالاً، لا يفنى شبابها، ولا تبلى ثيابها، ولا يخلق ثوب جمالها، ولا يمل طيب وصالها، قد قصرت طرفها على زوجها، فلا تطمح لأحدٍ سواه، وقد قصر طرفه عليها، فلا يطمح لأحدٍ سواها، فهي غاية أمنيته وهواه، إن نظر إليها سرته، وإن أمرها أطاعته، وإن غاب عنها حفظته، فهو معها في غاية المتعة والأماني والأمل، هذا وأيضاً لم يطمثها قبله إنس ولا جان، إذا برزت ملأت القصر نوراً.
وإن سألت عن سنها ففي سن أعدل الشباب.
وإن سألت عن الحدق -حدق العيون-؛ لأن الله وصف العيون في الجنة، فقال: {وَحُورٌ عِيْن} [الواقعة:٢٢] وفي هذا يقول العلماء: إن وصف المرأة بجمال عينيها يدل على أن أجمل ما تملكه المرأة من جمالٍ ومن فتنة عينيها، ولهذا إذا أرادت أن تتحجب ماذا تحجب؟ وجهها، لماذا؟ من أجل عيونها، لكن الشيطان أفتى النساء الآن، فقال: تحجبي وأظهري عيونك، ماذا بقي إذا أظهرت المرأة العينين قتلت عباد الله بالعينين، فإذاً اكشفي؛ لأن الرجل إذا نظر المنظر كاملاً يعطي نظرة وتقييماً للمنظر كله، يمكن أن يكون الأنف ليس جميلاً، أو الفم ليس جميلاً، أو الجبهة أو الخدود أو أي شيء، لكن إذا ظهرت العينين فقط، فمهما كانت المرأة قبيحة فعيونها جميلة، حتى قلت مرة من المرات في محاضرة من محاضرات تبوك: حتى العنز، إذا كان لديك عنز في بيتك وألبستها برقعاً فانظر كيف تكون عيون العنز؛ لأن العنز عيونها جميلة، لكن يخرب عيونها فمها وقرونها ومسامعها، فإذا رأيت منظر العنز كله تقول: عنز، لكن غط قرونها ومسامعها وأنفها، وضع على عيونها برقعاً فعندما تراها تسقط أمامها.
وكذلك بعض النساء تفتن الناس، ولذا الآن -سبحان الله! - الشيطان يشرع للناس ويطيعونه، معظم النساء الآن في الشوارع أخذن بهذه الموضة، كانت خرقاً صغيراً والآن وسعوه قليلاً، والآن بدأنا نرى نساءً أظهرن العينين وأظهرن الأنف، صار مثلثاً ليس متساوياً، وبعد أيام يظهرن الفم، أي تدرج خطوات من الشيطان والعياذ بالله.
فالله وصف نساء الجنة فقال: {وَحُورٌ عِينٌ} [الواقعة:٢٢] أي عينها حوراء، قالوا: ما هو الحور؟ قال: هو شديد بياض العين مع شدة سعة الحدقة، أي: اللون الأسود وسيع، والعين بيضاء صافية، يحار الطرف فيها، إذا نظرت فيها تحور عينك فلا تستطيع معاودة النظر.
يقول: وإن سألت عن الحدق فأحسن سواد في أصفى بياض في أحسن حور.
وإن سألت عن القدود -أي: الطول- فهل رأيت أحسن الأغصان؟ وإن سألت عن النهود فهن الكواعب نهودهن كألطف الرمان.
وإن سألت عن اللون فكأنهن الياقوت والمرجان.