[الصبر عند الصدمة الأولى]
أيضاً أن يكون الصبر في مكانه، وفي وقته وأوانه، فمتى يعرف الصابر؟ (إنما الصبر عند الصدمة الأولى) أما بعد ذلك فستصبر غصباً عنك، إذا ماتت أمك أو أبوك أو لدك ثم بكيت وصحت ونحت وفعلت كل شيء وفي النهاية، ماذا تفعل؟ تصبر، ذلك اسمه صبر الاضطرار.
وهذا لا أجر لك فيه ولا ثواب، ولكن متى يكون الصبر لله، ويكون خالصاً لوجه الله؟ يكون عند الصدمة الأولى، عندما يأتيك الخبر وهو جديد وأنت تقول: لا إله إلا الله، إنا لله وإنا إليه راجعون، الحمد لله على كل حال، هذا هو الصابر الصحيح.
لكن جاءك الأمر والخبر وقمت وصحت، وشققت جيبك، ورفعت صوتك، ونتفت شعرك، وبعد أيام وليالٍ صبرت، لم يعد لك شيء فيه.
وفي البخاري ومسلم من حديث أنس يقول: (مر عليه الصلاة والسلام على امرأة عند قبرٍ وهي تبكي بكاءً حاراً، وهذا الولد الميت ولدها قد قطع قلبها -ومعذورة مسكينة ولكن قد زادت في البكاء- فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: يا أمة الله! اتقي الله واصبري، قالت: إليك عني فإنك لم تصب بمثل مصيبتي).
وهي لم تعرفه، ما يدريك من هذا الذي أبكي عليه، فليس ولدك حتى تنصحني، هذا ولدي، أنت لا تعرف ما أعرف وما أعاني منه، فقيل لها لما تركها النبي صلى الله عليه وسلم: إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كيف تردين عليه بهذا الكلام، هذا رسول الله يأمرك بتقوى الله ويأمرك بالصبر وتردين عليه بهذا الرد؟! فقامت ولحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم وأتت إلى الباب وقالت: يا رسول الله لم أعرفك وأنا الآن سأصبر، قال: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى).
انتهى وقت الصبر، وهذا ما يسمونه بصبر الاضطرار وهو صبر أهل النار في النار، لكن هل معهم مخرج غيره، يقول أهل النار: {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ} [إبراهيم:٢١].
ويقول عز وجل لهم: {اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور:١٦].
ولا بد -أيها الإخوة- في الصبر من ثلاثة أمور: - أولاً: لا بد أن يكون لله عز وجل.
- ثانياً: ألا يكون معه شكوى لغير الله.
ثالثاً: أن يكون عند الصدمة الأولى.
فإذا حصلت هذه كنت -أيها الإنسان- من الصابرين.