للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السابقون إلى الإسلام كانوا خيرة أقوامهم]

يتضح -أيها الإخوة- من سجل أسماء السابقين إلى الإسلام أنهم كانوا خيرة أقوامهم، ولم يكونوا كما يذكر بعض الناس أنهم كانوا خليطاً من الضعفاء والمستضعفين والأرقاء؛ بل كانوا من خيار الناس حتى ولو كانوا موالي، وهم أصحاب عقول وبعد نظر وشجاعة وثبات على الحق؛ إذ أنه مورس في الإسلام عليهم ضغط كبير، ومع هذا لم يتزعزعوا، ولم يكونوا نفعيين، ولا أسلموا من أجل المصلحة، ولو كانوا لما صبروا على ما أوذوا.

بلال بن رباح أوذي أذىً لا يعلمه إلا الله كان يجرد من ثيابه، ويخرج به إلى الرمضاء في مكة، وحرارة مكة في الصيف لا يتحملها أحد، ثم يخلس من ثوبه، ثم يؤتى به على الأرض التي تشع مثل النار، ثم يوضع على صدره الحجارة، ثم يسحب جلده على الأرض وما بينه وبين الأرض شيء، على أن يرجع عن دين الله، فيقول: أحد أحد ما رأيكم في هذا الرجل؟ هذا قمة في الإيمان وجبل في الدين، ما ثبت على هذا إلا لعظمته في قلبه، حتى قال عليه الصلاة والسلام له: (إيه يا بلال إني لأسمع خشخشة نعليك في الجنة، فماذا تعمل؟ قال: لا شيء يا رسول الله! غير أني كلما أحدثت توضأت، وكلما توضأت صليت لله ركعتين) طاهر دائماً لا يرضى أن يكون على حدث، وهذا فيه إشارة إلى أن المسلم دائماً يكون على وضوء؛ لأن الوضوء سلاح المؤمن، كلما أحدثت لا تخرج وأنت على حدث بل توضأ ولا يكلفك شيئاً، وذلك لأنك قد تفاجأ بالصلاة أو بمصحف تقرأ فيه، أو تفاجأ بأي أمر وإذا بك جاهز، الوضوء سلاح المؤمن، فكن دائماً طاهراً، وإذا جئت لتنام فنم على طهارة، وإذا خرجت من بيتك فكن طاهراً، لا تبقى على حدث لا أصغر ولا أكبر؛ لأنك بهذا تكون جاهزاً ومستعداً لممارسة أي نوع من أنواع العبادة ولا تتردد، فقد تمر على مسجد وترى الناس يدخلون فتدخل، ولا يوجد ماء لكن أنت متوضئ والحمد لله.