بعد هذا يطلبون من الله، قالوا: ما نفعنا مالك ولا نفعونا خزنة النار، ادعوا الله فيدعون الله ويقولون:{رَبَّنَا} هذا الصوت جاء في النار، لو قالوا في الدنيا: ربنا.
لقال الله لهم: لبيكم، لكن ربهم في الدنيا الهوى والشيطان ولما دخلوا النار {قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَئوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ}[المؤمنون:١٠٦ - ١٠٨]، فبعدها يقولون كما قال الله:{سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ}[إبراهيم:٢١] ما لنا مهرب من العذاب سواء صبرنا أم جزعنا؛ فيبكون حتى يجف الدمع.
ثم يبكون حتى تنقطع الدماء، ثم تسيل مجاري في خدودهم من كثرة الدماء، تسيل أخاديد خد الواحد ورأسه كبير رأسه مثل ثلاثين جبل من جبل أحد، والدموع والدماء تنزل من كثرة الصراخ والعويل والعذاب الشديد يصير في الخد نهر ويصير أخدود من كثرة العذاب والبكاء، ولا حول ولا قوة إلا بالله!! وهكذا -يا أخي في الله- يخلدون في النار في عذابٍ متواصل، لا يفتر عنهم يقول الله:{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ}[الزخرف:٧٤ - ٧٥] والإبلاس هو اليأس، ولهذا سمي إبليس إبليس؛ لأنه قد يئس من رحمة الله، والله قال له:{فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ}[الحجر:٣٤ - ٣٥].