للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اللباس أحكامه وشروطه]

السؤال

إني أحبك في الله، أرى بعض الشباب الملتزم لا يلبسون العقال، فهل ورد دليل في ذلك؟ وإن لم يوجد فلم لا تلبسه أنت؟

الجواب

أحبك الله الذي أحببتني فيه، وأسأل الله أن يجمعنا وإياكم في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ببركة الحب فيه والبغض فيه فإنه كما جاء في الحديث: (عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين أناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء، قيل: من هم يا رسول الله؟! قال: هم الذين يجتمعون على الذكر؛ ينتقون من الذكر أطايبه كما ينتقي آكل التمر من التمر أطايبه).

وفي الحديث الآخر: (ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وافترقا عليه) هؤلاء يظلهم الله في ظل عرشه نسأل الله من فضله.

وإجابة على السؤال أقول: أولاً: لم يرد في دين الله عز وجل بأن يلتزم المسلم لباساً معيناً، أي: لابد أن يلبس المسلم هيكلاً أو أمراً معيناً، لا.

إنما يلبس المسلم ما يريد على ألا يقع في شيء من المحذورات الأربع: أولاً: ألا يلبس حريراً.

ثانياً: ألا يتشبه بالكفار وأعداء الله، بمعنى: اللباس الذي اختص به الكفار نحن نتركه؛ لأن: (من تشبه بقومٍ فهو منهم) لا لأنه في ذاته حرام، ولكنه أصبح شعيرة من شعائرهم ودلالة من دلالاتهم فنحن نبغضه في بغضهم.

ثالثاً: ألا يتشبه بالنساء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم: (لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال).

رابعاً: ألا يكون فيه خيلاء ولا كبرياء، أي: لا تلبس شيئاً فيه كبر أو غطرسة أو خيلاء.

وما لم تتوفر فيه أحدى هذه الأشياء فالبس ما شئت.

أما موضوع العقال فهو من الأشياء التي تعارف الناس على لبسها، وتعارف أقوامٌ على عدم لبسها، وطلبة العلم غالباً لا يلبسونها؛ لأنه لا ضرورة لها عندهم؛ لأنها جزءٌ من الشكل الجميل الذي يهتم به بعض الناس فيريد أن يكون شكله مرموقاً، وهذه الأشياء بالنسبة لطلبة العلم أشياء ثانوية في حياتهم، فهم يهتمون بشيء أكبر من ذلك وأعظم وهو إن شاء الله صلاح قلوبهم، وأما الشكل الظاهري فأي ثوب وأي غترة وأي عقال المهم أن الإنسان لا يبتذل ولا (يتدروش) ويلبس أشياء لا تليق به كما يصنع بعض الناس؛ إذا رأيته ترى أن شكله غير جيد، لماذا؟ لأنه يتساهل، والنبي صلى الله عليه وسلم قد قال: (إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده) ويقول: (إن الله جميل يحب الجمال) وكان له جبة يلبسها ويقابل بها الوفود، وكان صلى الله عليه وسلم يسرح شعره ويطيب مفرقه، وكان يكتحل ويدهن، ويحب أن يخرج إلى الناس ورائحته طيبة وشكله طيب، فالاهتمام بالشكل مرغوب فيه ومطلوب في الشرع لكن في حدود، ليس إلى الحدود التي تخرج الإنسان عن حد المعقول، ويظل فقط أمام المرآة، فبعضهم يظل أمام المرآة ساعة وهو يضبط مظهره ويتلفت لكن داخله خراب، فالمغالاة والتجاوز في الحدود ينقلب إلى أضدادها.

فهذا يعني: عدم لبس العقال عند الكثير من طلبة العلم.

وبعضهم يقول: إن العقال مأخوذ من العقل، يقول: فإذا نقص العقل زاد العقال، وكلما نقص تشاهده يزيد من حجم العقال من أجل أن يمسك العقل حتى لا يطير.

وهذه طبعاً على سبيل النكتة وليس على سبيل الحقيقة! أما أنا فلا أحب أن ألبس العقال؛ لأن العقال لا يصلح لي؛ لأن رأسي مفلطح من فوق، فإذا لبسته فإنه يسقط وإلا ليس هناك أي سبب آخر.