أول أثر عند الموت: في ساعات الحرج، في ساعات انكشاف الحقائق، في ساعات زوال الحواجز، هناك في لحظات الموت، لحظات حرجة، لحظات يرى الإنسان فيها الجنة والنار، يتمنى أن يعود إلى الدنيا ليعمل صالحاً، يتمنى أنه قد صلى، يتمنى أنه قد تاب إلى الله، يتمنى أنه قد عمل الصالحات؛ لكن لا ينفع شيء في تلك اللحظات.
يثبت الله أهل الإيمان بالقول الثابت وهي شهادة أن لا إله إلا الله، المؤمن عند الموت يودع الدنيا بهذه الكلمة يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وفي الحديث الصحيح:(من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة) هذه علامة من علامات حُسن الخاتمة.
إذا حضرت وفاة إنسان ونطق بالشهادة عند الموت ومات عليها، فاعلم أنه من أهل الجنة، ولكن من الذي ثبت عليها أيها الإخوة! من الذي يقولها! لا يثبت عليها إلا من عاش عليها في هذه الدنيا، من عاش على لا إله إلا الله، وحكم عينه بلا إله إلا الله، فلم ينظر بها فيما حرم الله، وحكم أذنه بلا إله إلا الله، فلم يستمع بها ما حرم الله، وحكم لسانه بلا إله إلا الله، فلم يتكلم بما حرم الله، وحكم يده ورجله وفرجه وبطنه وزوجته وأولاده وتجارته وبيته، فحياته كلها متفقة مع لا إله إلا الله، حتى أصبحت لا إله إلا الله تسير في عروقه، وتتردد مع أنفاسه، هذا عند الموت بدون تردد يقول: لا إله إلا الله.
لأنه عاش على لا إله إلا الله، وعرف لا إله إلا الله فلا يتردد، بل يقولها: لأن الله يقول: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ}[إبراهيم:٢٧] أي: لا إله إلا الله: {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[إبراهيم:٢٧] أي: عند الموت {وَفِي الْآخِرَةِ}[إبراهيم:٢٧] أي: في القبر {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}[إبراهيم:٢٧].
فإذا قال: لا إله إلا الله خرج متوجاً برضوان الله ورحمة الله، ومعه هذه البطاقة، وهذه الشهادة، وهذه الرخصة، للعبور إلى الجنة.