للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الوقفة السادسة: مع صعود روح الكافر في السماء]

قال: (فتغلق أبواب السماء ليس من أهل باب -من السماء- إلا وهم يدعون الله ألا تعرج الروح من عندهم) يقولون: لا نريده، لماذا؟ لأن له ريح منتنة -والعياذ بالله- قال: (فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في ذلك المسوخ، فيخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على ظهر الأرض) الجيفة هي: الدواب التي تموت حتم أنفها ثم ترمى في الصحراء وتمر عليها أيام ثم تتعفن فتخرج منها ريح، الذي يمر من مسافة بعيدة يعرف أن هناك شيئاً ميتاً، جيفة لا يتحملها أحد أي: يكاد يموت، فهذا ريحته ريحة الجيفة، من أين جاءت الجيفة فيه؟ لأنه خبيث، لا يعرف الله، ولا يحب بيوت الله، ولا يحب الصلاة، ولا يحب الطاعة -والعياذ بالله-.

قال: (فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الخبيثة؟ فيقولون: روح فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهى بها إلى السماء الدنيا، فيستفتح له فلا يفتح له باب، ثم يقول عز وجل: اكتبوا كتابه في سجين -قال عز وجل: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} [المطففين:٧ - ١٠]- ثم يقال: أعيدوا روحه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال: فتطرح روحه طرحاً) يرجم بها من السماء، وذلك قوله عز وجل: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج:٣١] (فتعاد روحه إلى جسده، وإنه ليسمع خفق نعالهم وصفق أيديهم) وما زالوا عند المقبرة يصفقون، وقد صعدت الروح ونزلت فيأتيانه -الملكان- فينتهرانه ويقولان له: من ربك؟ وهنا لا يعرف؛ لأن الله يقول: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ} [يس:٦٥] يمكن في الدنيا يعرف بالكذب، لكن هناك لا يوجد كذب، (فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان له: ما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، سمعت الناس يقولون فقلت، فيقال: لا دريت ولا تليت -يعني: جعلك ما تدري- ثم ينادي منادٍ من السماء: أن كذب عبدي، فافرشوا له من النار، وافتحوا له باباً إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه القبر، وتضمه الأرض حتى تختلف الأضلاع -أضلاع اليمين في الشمال، وأضلاع الشمال في اليمين- ثم يأتيه رجلٌ قبيح الوجه قبيح المنظر منتن الريح فيقول له: أبشر بالذي يسوءك -أصبح هو في سوء ويقول: أبشر بالذي يسوءك.

قال:- هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: من أنت بشرك الله بالشر؟) هل تبشرني على ما أنا فيه؟ من أنت؟ قال: (أنا عملك الخبيث، فوالله ما علمت إلا أنك كنت بطيئاً في طاعة الله، سريعاً في معصية الله، فجزاك الله شراً) من الذي يقوله؟ عملك، لماذا تعمل شيئاً يضرك؟ غريب والله -يا إخواني- هذا يدل على نقص العقول، أنت تعمل عملاً تعرف أنك غداً سوف تؤاخذ عليه، لماذا تعمله؟ هذه عينك الآن تحت حكمك، لماذا تنظر بها إلى الحرام وأنت تعلم أنك غداً سوف تسأل عن نظرك؟ وهذه أذنك تحت حكمك لماذا تسمع بها الأغاني وأنت تعرف أنك غداً سوف تسمع -بعد هذا السمع- رصاصاً مذاباً في جهنم؟ أين عقلك؟ أنت مؤمن بهذا أم لا؟ لكن -أيها الإخوة- القضية كلها ضعف الإيمان.