[دخول الجن في بدن الإنس حقيقة]
السؤال
ظهر في هذه الفترة أقوال لبعض المشايخ وهو الشيخ علي العمري، ينكر فيها دخول الجني إلى بدن الإنسي، ويقول السائل: إن هذا القول أحدث بلبلة عند الكثير من الناس؟
الجواب
أنا حقيقة الذي أعرفه وسمعته بأذني من كلام الشيخ علي العمري أنه لا ينكر دخول الجني إلى بدن الإنسي؛ لأنه يعرف أن هذا وارد في الكتاب والسنة، ويعرف أنه عايش الفترة من الزمان وعاش مع الجن وسمعهم، لكن الشيخ يقول: إن كثيراً من الحالات التي يتصور الناس فيها أنها تلبس بالجن غير صحيحة، وأنا أوافقه على ذلك، بعض الحالات هي إيحاءات نفسية، أي: الواحد نفسه متصور أن معه جنياً، وليس معه جني، ولذا إذا قلت له: هل فيك جني مسلم، أو كافر؟ قال: كافر، هو نفسه يقول: كافر؛ لأنه متصور أن عليه جنياً كافراً، ولا شيء عنده أصلاً، وقد مرت بي حادثة مثل هذه.
جاءني شخص وأنا في أبها، الولد جالس وقال أخوه: هذا مصروع معه جنية، فقمت قرأت عليه، وبعد ما انتهيت من القراءة قلت: اخرجي يا عدوة الله، ظننت أن عليه جنية مسلمة أو كافرة فلم يتكلم قلت: إذاً هذا جني لا يتكلم، فضربته في رأسه، ثم ضربته الثانية، المهم فتح عيناه وهو مغمض طوال الوقت وأنا أقرأ، وقال: تكلمني أو تكلم الجني، قلت: أنت تسمع كلامي؟ قال: إي والله، قلت: وتشعر بضربي؟ قال: إي والله، قلت: قم، الله أكبر عليك! ما فيك جني ولا فيك شيء، المسكين جاء لي من بيته وهو متصور أن فيه جني، ولهذا حين كنت أكلمه وهو ساكت كان يحسب الكلام للجني الذي عليه، وهو ليس فيه شيء.
فأكثر الحالات -أيها الإخوة- عند بعض النساء خاصة، يعني بينها وبين زوجها شيء، مثلاً تحب زوجها وتريده لها، وفيها شعور أنها مسحورة، ومن أين؟ والله بنت عمته تريد تتزوج به، وفعلت لي شيئاً، والله إني أحس نحو زوجي بنوعٍ من الفتور، كنت أحبه والآن أعزف عن فراشه، إذاً أنا مسحورة، فإذا ذهبت عند القارئ وقرأ عليها، قالت: مسحورة، من سحرك؟ فلانة سوت مشكلة بين الأسرة، ولا معها سحر ولا فيها شيء، كونها لا تحب زوجها بعض الأيام فكل المتزوجين هكذا، هل يبقى الزواج والحب طوال الأيام؟ الدنيا تتقلب والقلب يتقلب.
إذاً: أيها الإخوة! معظم الحالات وأكثرها حالات نفسية توحي إلى النفس خاصة عند النساء وليس فيهن جن.
إنما كون الجن يدخل في الإنسان نعم يدخل، وقد ثبت هذا بالكتاب والسنة، الرسول قال للرجل: (اخرج عدو الله) أي: ماذا؟ اخرج من البدن، وقال الله في القرآن: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة:٢٧٥] أي: مس الجن.
أما كون بعض الناس ينكرون فهذا الخطأ وقالوا: إن الجن من النار والإنسان من الطين، كيف يدخل هذا في هذا؟ أصلي وأصلك من طين، لكن هل أنا كومة طين؟ لا.
الأصل طيني لكن بعد أطوار تسلسل وصار لحماً ودماً، كذلك الجن؛ الجن أصله ناري لكنه الآن ليس ناراً، الرسول مسكه، قال: (حتى وجدت برد لعابه على يدي) ما أحرق الرسول برد اللعاب، والشيطان من الجن، يقول: (ولولا دعوة أخي سليمان لربطته في سارية المسجد، ولأصبح غلمان المدينة يلعبون به) فكونه مخلوقاً من النار لا يمنع أنه يدخل في الإنسان؛ لأن له طبيعة غير طبيعته الأصلية التي كان عليها يوم خلقه الله من النار، فالجن يدخلون في الناس، والذي أعرفه وقد سمعته بأذني في محاضرة ألقاها الشيخ علي العمري في أبها قال: أنا لا أنكر أن الجن يدخلون في الإنس، لكني أقول بخبرتي الطويلة: إن معظم الحالات التي مرت عليَّ أكثرها ليست مساً من الجن، وإنما هي إما أمراض نفسية، أو إيحاءات داخلية، وما يحصل من كلامٍ على بعض ألسنة الناس إنما هو من النفس الباطنة.
وما النفس الباطنة؟ نفسك مهيأة ومركبة على شيء وهي فاهمة، ولهذا ما إن يأتي كلاماً إلا أن تقول هذا الكلام، وليس حقيقة منك ولا من غيرك، وإنما هو من نفسك الداخلية الباطنة.
أسأل الله لي ولكم أن يهدينا سواء السبيل والهداية.
ثم أيها الإخوة! هذا الموضوع أنا أسميه من العلم الفضلة، والجهل به لا يضر والعلم به لا ينفع، وليست قضيتنا مع الجن، قضيتنا الآن مع الإنس، مع الدعوة إلى الله، مع تقوية الإيمان، مع تثبيت العقيدة، مع تحرير الناس من الكبائر.
أما الجن وما يتعلق بهم، فنستعيذ بالله منهم، ونتحصن بالآيات والدلائل، وليس له سلطان علينا، يقول الله: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} [النحل:٩٩ - ١٠٠].
والله أعلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.