قال عز وجل:{وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}[المدثر:٥] الرجز: الشرك والمعاصي والذنوب والآثام، وفي هذه العبارة إشارة إلى أن توحيد الخالق يقتضي ويتطلب عدم تعظيم أو تقديس أي شيء لا يخضع لخالق الكون والحياة، ولا يعترف بالألوهية والربوبية والأسماء والصفات لله، وأن المسلم ينبغي له أن يهجره.
ثم قال عز وجل:{وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ}[المدثر:٦] وفي هذا إشارة إلى أن ما خص به من منع إعطاء الشيء ابتغاء شيء أكثر هو أنه مقرون بأجمل الأخلاق وأشرف الآداب، ليكون مثلاً أعلى للبشرية؛ لأنه يدعوها إلى مكارم الأخلاق، ولقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
وقد أوتي صلى الله عليه وسلم من مكارم الأخلاق أرفع قدر وأعلى نسبة، فإن الكمالات البشرية الموزعة على جميع الأنبياء والرسل وعلى جميع الناس، لم تجمع لشخص واحد إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم، حتى قال الله له بشهادة ربانية عالمية:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم:٤] من قائل هذا الكلام؟ إنه الله، الله يشهد له ويقول: يا محمد! إنك لعلى خلق عظيم، عظيم عندي وعندك، ليس عند الله فقط، فيا لها من شهادة! ولما سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم، قالت:(كان خلقه القرآن) من أراد أن يعرف أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم فليقرأ القرآن، القرآن يحتوي على أفضل الكمالات، وهي مترجمة كاملة في تطبيق وسلوك وأخلاق وتعامل محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.