الرابع: إيثار ما يحبه الله على ما تحبه النفس: لابد أن يحصل تصادم وتعارض بين محاب الله ومحاب النفس، فأين أنت؟ مع من تقف؟ هناك شد حبل بين الهوى وبين الدين والشرع، الهوى يجذب وأمر الله وشرعه يرفع، والشيطان مع الهوى، والنفس الأمارة مع الهوى، والدنيا مع الهوى، وأنت مع من؟! إن كنت عاونت شيطانك ونفسك وهواك ودنياك سقطت عن طريق الله ومن عين الله، وإن كنت مع الشرع في صراع:{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}[النازعات:٤٠ - ٤١] وإن كنت مع الشرع في صراع {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ}[الجاثية:٢٣] لابد أن تقف دائماً مع الشرع، وأن تؤثر محبة الله وأمره على محبة النفس، إذا تعارض أمر الله مع أمر النفس، أمر الله بالقرآن، وأمر الشيطان والنفس بالغناء، فمع من أنت؟ مع الله.
أغلق الراديو واقرأ القرآن، أمر الشيطان بالنوم وأمر الله بصلاة الفجر وأنت على فراشك تتقلب تسمع الأذان، وفي إمكانك أن تقوم وفي إمكانك أن تنام، صراع نفسي، معركة تدور على الفراش بين نوازع الإيمان وبين نوازع الشر والشيطان، فمع من أنت؟ إذا قمت فأنت تحب الله، إذا آثرت النوم على أمر الله فالبعيد لا يحبه الله، فهل تريد أن يحبك الله؟ عليك أن تؤثر أمر الله وتقدمه على هوى النفس ومحبتها.
وهذا -أيها الإخوة- ميدانٌ واسع وفسيح، وعقبة كئود سقط فيها الكثير من الناس؛ لأنها نقطة عملية قد ينجح الشخص في القرآن وتلاوته؛ لأنه كلام يصرفه، وقد ينجح في ذكر الله؛ لأنه كلام يقوله، وقد ينجح في بعض النوافل، لكن متى التعارض؟ في هذه المشكلة، هنا العقدة، هنا الامتحان وفيه يكرم المرء أو يهان.