أولها: قراءة القرآن الكريم بالتدبر والتمعن؛ لأن القرآن كلام الله عز وجل، وهو خطاب الله وإلى أهل الأرض، والذي يكثر منه يدل ذلك على محبته لله، وإذا أكثرت من تلاوة كلام الله عز وجل أحبك الله الذي لا إله إلا هو.
لو أتتك رسالة من حبيبك أو من صديقك أو من أبيك أو أمك أو من زوجتك -وبالطبع نحن نتكلم مع أهل الإيمان في رسائل الطهر والعفة، لا نقول رسالة من حبيبتك، وإن كانت حبيبة على الحرام فهي لعينة شيطانة رجيمة؛ تحبك الآن لكنها تلعنك وتلعنها يوم القيامة؛ لأنه حبٌ أقيم على معصية الله، حبٌ أقيم على الحرام، فلا يجوز هذا، وإنما نعني الحب الحلال حبك لزوجتك- وأنت مسافر وتأتيك رسالة منها تقرؤها القراءة الأولى، والقراءة الثانية، والقراءة الثالثة، وكلما ضاق صدرك أخذت رسالتها وقرأتها، وكلما قرأتها انشرحت نفسك، هذه رسالة محبوبك من الأرض، حسناً فرسالة محبوبك في السماء، رسالة الله إليك، خطاب الله إليك، كلما قرأته أحببت ربك، وكلما قرأته أحبك ربك.
ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:(من أراد أن يناجي ربه فليقرأ القرآن أو ليقم إلى الصلاة) والذي يقرأ القرآن كما جاء في الأحاديث له ثوابٌ عظيم عند الله عز وجل حتى ينال به أعلى الدرجات، يقول عليه الصلاة والسلام:(من قرأ حرفاً من القرآن كان له حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (ألم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف) أي: إذا قلت: (ألم) كتب الله لك ثلاثين حسنة، إذا قرأت سورة الإخلاص عدد حروفها ستة و (٦٦) حرفاً كتب الله لك (٦٦) حسنة، إذا قرأت سورة الفاتحة عددها (١٥٠) بـ (١٥٠٠) حسنة، إذا قرأت صفحةً من القرآن -في مصحف المدينة المنورة - هذا المصحف في كل صفحة (١٥) سطراً، وفي كل سطر (٤٠) حرفاً، في المتوسط (١٥×٤٠)(٦٠٠) حرف، إذا قرأت صفحةً واحدةً كتب الله لك (٦٠٠٠) حسنة، وفي كل جزءٍ (٢٠) صفحة، إذا قرأت جزءاً واحداً كتب الله لك مائة وعشرين ألف حسنة، إذا كان وردك اليومي من القرآن جزءاً واحداً تقرؤه في ربع ساعة، أو في ثلث ساعة، أو في نصف ساعة على أبعد التقدير يسجل الله لك مائة وعشرين ألف حسنة، من الذي يأتي بهذه التجارة إلا تالي القرآن، عظيم جداً.
يقول عليه الصلاة والسلام:(الذي يقرأ القرآن وهو ماهرٌ به مع السفرة الكرام البررة -مع الملائكة- والذي يقرأ القرآن وويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران: أجر المشقة وأجر التلاوة) فتلاوة القرآن من أعظم الأذكار ومن أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله، فإذا أكثرت من التلاوة فإن الله عز وجل يحبك، والله قد أمر بالقرآن وبالتلاوة فقال في القرآن الكريم:{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ}[العنكبوت:٤٥] ويقول عز وجل: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً}[المزمل:٤] ويثني الله على أهل القرآن فيقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}[فاطر:٢٩ - ٣٠].
والذي يقرأ القرآن -أيها الإخوة- يحفظ من الزيغ، يثبت على الدين، ما عهدنا وما علمنا رجلاً داوم على تلاوة القرآن وعكف على قراءته إلا وثبته الله، الذين يضلون وينحرفون وينتكسون، ويضعفون ويتراخون ويميلون؛ هؤلاء هم الذين هجروا القرآن، يقول الله عز وجل:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً}[الفرقان:٣٢] فيثبتك الله على الإيمان إذا داومت على تلاوة القرآن، فاجعل لك ورداً من القرآن، وانتبه واحذر! أن تنسى القرآن إذا كنت حفظته، احذر أن تهجر القرآن إذا كنت تقرؤه، لابد أن يكون لك ورد معين من كتاب الله، تقرؤه كل يوم، إما في الليل أو في النهار أو قبل النوم، وأحسن الأوقات -كما يقول بعض أهل العلم- للتلاوة: هو الذي يسبق الصلاة، أي: أن تعود نفسك باستمرار ألا يؤذن إلا وأنت في المسجد، لا تأت الصلاة متأخراً إذا أذن المؤذن جلست ثم قمت تتوضأ إذا قربت الصلاة، ثم تهاونت إلى أن تقام الصلاة، ثم تأتي وقد فاتتك تكبيرة الإحرام، وقد تفوتك الركعة الأولى أو الثانية، وبعضهم تفوته الصلاة كلها، لا.
عندك ساعة وتعرف الأوقات يؤذن للعشاء -مثلاً- الساعة الثامنة إلا عشر دقائق حاول أن تخرج من بيتك الثامنة خمس عشرة خمس بحيث تدخل ثمانية إلا عشر أو تدخل قبل الأذان فتصلي ركعتين ثم تجلس، ومعك وقت ما بين الأذان والإقامة (ربع ساعة)(ثلث ساعة)(خمسة وعشرين) دقيقة يمكن أن تقرأ فيها جزءاً، في الفجر كذلك، في الظهر كذلك، في العصر كذلك، إذا داومت على هذا ربح عظيم، يمكن أنك تقرأ خمسة أجزاء، تستطيع أن تقرأ في كل جلسة جزءاً، فتكون خمسة أجزاء، فإذا لم تقدر فثلاثة أجزاء بحيث تختم في كل عشرة أيام، أقل شيء أن تختم في كل شهر مرة، هذا أقل شيء، جهد المقل، ولكن فيه بركة كبيرة جداً.
هذا أول سبب من أسباب نيل محبة الله، وهو ممكن، أليس ممكناً أيها الإخوة؟! هل هناك صعوبة بأن نقرأ القرآن نحن الذين جعل الله ألسنتنا ألسنة عربية؟ هذه نعمة من نعم الله علينا أيها الإخوة! هناك إخوة لكم في بلاد العالم الإسلامي في الباكستان وفي الهند وفي أفريقيا وفي الشرق وفي الغرب ألسنتهم أعجمية لا يستطيعون قراءة القرآن، ويجدون صعوبة في النطق به، ويبذلون من أعمارهم السنوات الطوال حتى يتعلمون كيف ينطقون بالقرآن، ثم إذا جاء أحدهم يقرأ القرآن لا يدري ما معناه، يقرؤه ويجوده ولا يدري معنى حرف واحد، وأنت تعرف معناه بسهولة، وتجد ثوابه بسهولة ثم تترك القرآن بعد هذه النعمة!! هذه علامة من علامات عدم محبتك لذكر الله عز وجل -أيها الإنسان البعيد- أما إذا قرأت القرآن وداومت على تلاوة القرآن فإن هذا من أعظم العلامات على حبك لله، وبالتالي سوف يحبك الله تبارك وتعالى.