لقد بدأت بقول الله عز وجل:{وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}[الشعراء:٢١٤] حيث خرج النبي صلى الله عليه وسلم وصعد الصفا وهتف: (يا صباحاه) فقالوا: من هذا؟ فاجتمع إليه كل قريش، ثم قال:(أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلاً تخرج من سفح هذا الجبل، أكنتم مصدقي؟ قالوا: ما جربنا عليك كذباً، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب عليه اللعنة: تباً لك ألهذا جمعتنا؟! فنزل قول الله عز وجل:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ}[المسد:١ - ٤]) هذا الحديث في الصحيحين، وكانت هذه الصيحة العالية هي غاية البلاغ لقريش، وقد فاصل النبي صلى الله عليه وسلم قومه في الدعوة، وأوضح لأقرب الناس إليه أن التصديق بهذه الرسالة هو مقدار الصلة بينه وبين الناس، وأن عصبية القرابة والصلة التي كانت تقوم بين العرب قد زالت في ظل حرارة الإيمان، والإنذار الآتي من عند الله.