علمنا سابقاً أنك كنت تلعب في أحد النوادي وكنت كابتن الفريق ولك أيضاً مشاركات أخرى، السؤال: كيف استطعت أن تجمع بين النادي وطلب العلم، مع أني لم أستطع أن أفعل ذلك، وأيضاً نرجو منك إخبارنا ببعض تجاربك الرياضية؟
الجواب
أما هذا الماضي الذي ذكره الأخ فهو صحيح، ولكنه ماض عفا عليه الزمن إلى غير رجعة، ماضٍ لا أفخر به لا هنا ولا في الدار الآخرة، بل أحزن عليه، سنوات عجاف من عمري قضيتها لا دين ولا دنيا، ولم أستطع خلال فترة عمري فيها أن أكسب علماً حتى يقول الأخ: كيف استطعت أن توفق بين العلم والكرة، ما كان طلب العلم في تلك الأيام، وما جاء العلم إلا بعد أن حولت الموجة على طريق الله، ونسأل الله أن يثبتني وإياك على ذلك؛ لأن العلم واللعب نقيضان، كما لا يجتمع الليل والنهار لا يجتمع اللعب والعلم، اللعب يريد وقتاً والعلم يريد وقتاً، تريد تلعب وتتعلم ما يصلح.
يقول الشافعي: من اشتغل عن العلم بشراء بصلة لم يتعلم.
وكان ابن شهاب الزهري إذا دخل السوق يدخل مسرعاً قيل له: لمَ؟ قال: أخشى أن أسمع كلاماً من كلام الناس فيدخل في قلبي فيختلط بالحديث؛ لأنه كان يسمع ويسجل من أول مرة، وكان يحفظ من مرة واحدة، يقول: ترددت بين الشام والعراق والحجاز خمسة وأربعين سنة والله ما استطرفت فيها حديثاً واحداً.
أي: لا يوجد حديث واحد إلا وهو في رأسي، ويقول: والله ما استودعت قلبي شيئاً فنسيه قط، لا يمكن يضع في قلبه حديثاً وينساه، وهذا ابن شهاب الزهري دخل هو وسليمان بن يسار على هشام بن عبد الملك، فقال هشام لـ سليمان بن يسار: من الذي تولى كبره في قضية الإفك؟ والمعروف أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين، لكن هشام يقول: لا.
هو علي بن أبي طالب، وهو غير صحيح، فقال سليمان بن يسار: الذي تولى كبره عبد الله بن أبي، قال: كذبت، إنه علي، فقال سليمان: أمير المؤمنين أعلم، وسكت، ودخل الزهري قال له: يا بن شهاب من الذي تولى كبره؟ قال: عبد الله بن أبي، قال: كذبت بل علي، قال: أنا أكذب! لا أبا لك، بل كذبت أنت وأبوك وجدك، والله لو نادى منادٍ من السماء أن الكذب حلال ما كذبت.
يقول: أنا ما أكذب فضلاً عن أن أعرف أنه حرام أو غير ذلك، فما يصلح يا أخي! أن تلعب بل نظم وقتك لطلب العلم، وابدأ بالقرآن الكريم قراءة وترتيلاً وحفظاً مع التجويد، ثم تدبراً وتفسيراً مع أيسر التفاسير، كتاب صدر حديثاً اسمه أيسر التفاسير للشيخ أبو بكر الجزائري، كتاب مفيد ثم اقرأ في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأدلك على كتاب يجمع الصحيحين وهو كتاب اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان لمؤلفه محمد فؤاد عبد الباقي، هذا جاء بالأحاديث التي اتفق عليها البخاري ومسلم وجاء بها على لفظ البخاري ورواية البخاري، ولهذا إذا قرأتها كأنك تقرأ قرآناً صحيحاً، ما في شك أبداً، اقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم واحفظ وانقل هذا العلم للناس، وأعط العلم كلك يعطيك بعضه، وإذا أعطيته بعضك لا يعطيك شيئاً.