للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر النفس في القرآن الكريم]

النفس جاء ذكرها في القرآن الكريم، وهي من أهم أجزاء الجسد، وعلى ضوء صلاحها وتزكيتها، يكون مصير الإنسان، أو هلاك الإنسان إذا كانت غير صالحة، أقسم الله بها في كتابه، قال عز وجل: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس:٧ - ١٠].

{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} يقسم الله بالنفس وما سواها، أي: والذي سواها وهو الله.

فألهمها: أي: فطرها، كل نفس ملهمة هذين الأمرين: {فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} كل نفس قادرة على أن تسلك سبيل الفجور، وقادرة على أن تسلك سبيل التقوى، لكن من الذي يحدد الاتجاه إلى الطريق السليم أو الطريق الخطأ، أنت: قد أفلح قد فاز قد نجا من زكاها من صعد بها من طهرها من نقاها من اعتنى بها قد أفلح من زكاها.

وقد خاب: خسر أو هلك -والعياذ بالله- من دساها، دنسها قذرها وسخها مرغها كل العبارات السيئة يمكن أن تضيفها في هذا الجانب.

{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} ومن الذي يزكي نفسك ويدسيها؟ أنت، ولا تتصور أن أحداً غيرك يمكن أن يقوم بهذه المسئولية، ولهذا جعل الله الجزاء يوم القيامة على هذا، تستحق الجنة، إذا زكيت نفسك، ومتوعد الوعيد في النار إذا دس العبد نفسه، وأقسم الله عز وجل بها في قوله عز وجل: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة:١ - ٢].

قوله: (ولا) لا عمل لها، أي: أقسم بيوم القيامة، وأقسم بالنفس اللوامة، ويخبر الله عز وجل في كتابه الكريم أن دورك في عملية هذه النفس هو المجاهدة والنهي لها والرفض لكل حركاتها، وقصرها على الطاعة، هذا دورك أنت، يقول الله عز وجل: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:٤٠ - ٤١] اللهم إنا نسألك من فضلك يا أرحم الراحمين، كم هو عظيم أن يكون مأواك ومأواي الجنة، اللهم إنا نسألك من فضلك يا أرحم الراحمين.

إذا قلت مأواك (الفلة) مأواك المزرعة العمارة، لكن مأواك الجنة، عرضها السماوات والأرض، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فيها القصور العالية، فيها الأنهار الجارية، فيها الثمار اليانعة، فيها الزوجات الجميلات، فيها ولدان مخلدون، وبعد ذلك أبد الآبدين، ليس ستين أو سبعين سنة ثم تخرج.

إذا نزلت من العمارة وسكنت فيها ستين سنة، أنزلوك على رأسك، لكن في الجنة: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا} [المائدة:٣٧] {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} [النساء:٥٧]، في نعيم لا يتصوره العقل، يقول الله عز وجل: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة:١٧] كل ما خطر، اذهب بخيالك كل مذهب، وتصور كل نعيم ثم قف بخيالك، عاجزاً أن تتصور ما في الجنة من النعيم، وأعلى نعيم في الجنة وأعظم نعيم في الجنة النظر إلى وجه الله الكريم، في الدار الآخرة، هل هناك أعظم من هذا النعيم؟ نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهله، اللهم متع أبصارنا بالنظر إلى وجهك الكريم في الدار الآخرة يا رب العالمين.