سئل شخص من البشر عن هذه الحياة واسمه ماركس، وهو زعيم الثورة البلشفية الشيوعية في روسيا، أصله يهودي وابن زنا ليس له أب، دعيّ، نشأ في الملاجئ وفي ظل الحرمان، وتولدت في نفسه عقد نفسية نتيجة الظروف التي عاشها من الحرمان والفقر؛ ترتب على هذه الظروف أن أحس بإحباط وبحقد وبحرمان شديد مما في أيدي الناس، فلما كبر انعكست هذه الظروف على فكرته، ونادى في الجماهير الكادحة من أمثاله من المحرومين ومن الأدعياء وأبناء الزنا، نادى بأنه: لا إله والحياة مادة.
هذه نظرته، أن الحياة كلها في تصوره مادة، لماذا مادة؟ لأنه يشعر بالفقر تجاه المادة، يشعر بالحرمان تجاه المادة، ولذا نادى بدعوته الشيوعية، وألغى الملكية الفردية، وقال: الناس شركاء في كل شيء، حتى في الأعراض، ولما برزت هذه النظرية إلى حيز التطبيق أفرزت الفشل، وأعلنت أنها غير صالحة؛ لأنها لباس لا يليق بالبشرية.
الملكية الفردية هي غريزة عند كل إنسان، لا يستطيع ماركس أن يلغيها بجرة قلم؛ لأنها سنة من سنن الله في خلق الإنسان؛ لتعمير هذه الأرض، الله أوجد في كل نفس رغبة في التملك للشيء، إذا كان عندك إخوان في البيت أو أبناء وليكونوا مثلاً اثنان، واشتريت لهم لعبة مشتركة، فإنه سيحصل على هذه اللعبة شجار، كل واحد يمسكها من جانب، هات وفك، قال: فك، هذه لي، والله لآخذنها، المهم تشاجرا، وإذا وجدها أحدهما كسرها، حتى لا يأخذها الآخر وهي ما زالت سليمة، وإذا أخذها ذاك قال: أعطل فيها شيئاً، لأنها ليست ملكه وحده، لكن لو اشتريت لهم من السوق لعبتين وسلمت لكل واحد منهما لعبة، وقلت: أنت لك هذه اللعبة الحمراء، وأنت لك هذه اللعبة البيضاء، ماذا سوف يحصل؟ يحافظ عليها أم لا؟ يحافظ عليها ولن يحطمها، وتعيش معه مدة طويلة؛ لأنها له، ويشعر بأنها له.
فالملكية الفردية غريزة في النفس، وماركس لما قال: ليست هناك ملكية فردية، ومورست هذه الفكرة في المجتمع الشيوعي، والذي حصل أن الإنسان الروسي ما أصبح يحس بأهمية للعمل، ولا بأهمية للآلة، ولا بأهمية للنظام؛ لأنه مسمار في آلة الدولة، ولذا نتج عن هذا انخفاض في الإنتاج، وفساد في الإدارة؛ حتى إن روسيا التي كانت في الماضي سلة خبز العالم، أصبحت أفقر دولة تعيش على الهبات والمعاونات من أمريكا، وبدءوا ينقضون أفكارهم، ويلغون بعض أسس دعوة ماركس؛ لأنها دعوةٌ ليست حقيقية، وإنما هي جوابٌ خاطئ لعلم لا يعلمه ماركس، وألغيت النظرية التطبيقية الشيوعية في نفس الدول الشيوعية، التي ما زالت تتبناها وإلى الآن لم تلغ فيها.
هذا مثال على أن الإنسان إذا طُلب منه أن يجيب على علمٍ لا يعلمه أجاب بالخطأ.