الجسد هو هذا الذي نعرفه كلنا، عظام مركبة عليها عضلات وأعصاب، وعليها لحم، وأجهزة: جهاز سمعي، وجهاز بصري، وجهاز تنفسي، وجهاز هضمي، وجهاز دموي، وجهاز تناسلي، الأجهزة هذه عرفها الناس، والجسد جزء واحد فقط من الأجزاء، وهو أبسط الأجزاء، ولم يأت في كتاب الله، ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الثناء على الناس على قدر أجسامهم، بل جاء الذم، قال الله في المنافقين:{وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ}[المنافقون:٤] وجاء الذم في السنة يقول عليه الصلاة والسلام: (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم، ولكن إلى قلوبكم وإلى أعمالكم) أجل جسمك صغير أو كبير، أبيض أو أسود، طويل أو عريض، سمين أو ضعيف، هذا ليس له قيمة؛ لأنك لست الذي ركبت جسمك، ولا أنت الذي لونت جسمك، ولا أنت قمت بتطويله، الذي ركبك هو الله {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ}[آل عمران:٦] لا كيفما تشاءون أنتم، هذا هو الجسد، هذا جزء واحد.
الناس الآن لا يعرفون من الإنسان سوى جسده، ولهذا فإن التركيز والأهمية في حياتنا على الجسد، إذا مرض الجسد ماذا نعمل؟ نأتي بالعلاج، وإذا انعدم العلاج في الرياض أين نجده؟ قالوا: علاجك في لندن، فإن كان معه أموال فإنه يحجز بسرعة، وإن لم يكن معه أموال فإنه يبيع بيته، وإن لم يكن عنده بيت فإنه يذهب يطرق أبواب المحسنين والدولة، فيقول: أنا مريض، لا بد أن أسافر، إذا مرض الجسد هذا دواؤه، بينما يمرض القلب والمسجد بجانبه فلا يذهب إليه، بل يأتي الطبيب، طبيب القلوب في المساجد، وتراه يتكلم عن أمراض القلوب، ولا يتطرق إلى كيفية معالجة القلوب من منظور شرعي، لأنه لا يعرف العلاج الشرعي؛ بل يعرف فقط الجسد، وإذا جاع الجسد أطعموه، وإذا عطش الجسد أسقوه، وإذا برد الجسد أدفئوه؛ ملابس شتوية، وإذا احتر الجسد بردوه: مكيفات، ومراوح، وملابس صيفية.
إذاً الحياة عند الناس الآن حياة الجسد، وهل أنت إنسان بجسدك فقط؟ لو أن القضية قضية جسد ففي الحيوانات من هو أكبر منك جسداً.
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته أتطلب الربح مما فيه خسران
أقبل على الروح واستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسان