للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كيفية سلامة القلب وعلاماته]

كيف يكون قلبك سليماً؟ بثلاثة أشياء: سليم من الشبهات المتعلقة بالعقائد: لا يكون عندك شكوك.

سليم من الشهوات المحرمة: شهوة الجنس بالزنا، والسرقة في المال وأي شهوة محرمة.

سليم من الغفلة التي تصدك عن ذكر الله.

يقول ابن القيم رحمه الله: سليم من شبهة تورد شكاً في دين الله، أو شهوةٍ تورد تقديم الهوى على أمر الله، أو غفلة توجب نسيان العبد لأمر الله.

كثير من الناس الآن غافل عن الله، كل شيء له في برنامجه مسافة ومساحة وموعد إلا الله، تجده يحدد للدوام وقتاً، وللغداء وقتاً، وللتمشية بعد العصر وقتاً، وللتسوق بعد المغرب وقتاً، وللسهرة بعد العشاء وقتاً، وللنوم وقتاً، وفي الصباح فطور يعني: هذا برنامج أكثر الناس، لكن لا يحدد وقتاً للعلم، ولجلسة الأسرة، أو لمحاسبة النفس، أو للذهاب إلى الفقراء وتفقد المساكين والمحتاجين، أو للإنفاق، للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في الدعوة إلى الله، مشغول.

أشغل نفسه بما لم يشغله الله به، بل بعضهم صلته بالحمام أكثر من صلته ببيت الله، يدخل الحمام في اليوم والليلة أربع خمس مرات، وإذا جاء يستأجر شقة أول ما يشير على الحمام لا يسأل عن المسجد، كم في الشقة حمامات؟ فإذا قالوا له: واحد، قال: لا يكفي، نريد ثلاثة أو أربعة، يريد حماماً له، وواحد للمرأة، وواحد للضيف، وواحد للأسرة، ما هذا؟! أعوذ بالله من هذه الحياة، وإذا تورط وسكن في شقة بجانب مسجد انزعج قال: لا.

دوروا لنا عن مكان بعيد لا نسمع به إزعاجاً، يزعجه الله أكبر، يريد أن تستحوذ عليه الشياطين، فتنسيه ذكر الله، كما قال الله: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المجادلة:١٩].

فيا أخي في الله! لا يكن قلبك سليماً إلا بهذه الثلاثة الأمور، أن يكون سليماً من شبهة وشهوة وغفلة.

فما علامة سلامة قلبك؟ قال العلماء: ثلاثة علامات: العلامة الأولى: الإقبال على الطاعة: مثل إقبال الإنسان المتعافي على الطعام.

العلامة الثانية: النفرة من المعاصي: صاحب القلب السليم لا يحدث معاصي.

العلامة الثالثة: حب مجالس الخير، وكراهية مجالس الشر.

هذا الذي قلبه سليم مائة في المائة، إذا وجدت في نفسك حباً للمعاصي وكراهية للطاعات ففي قلبك مرض، عالجه قبل أن يكون العلاج في النار؛ لأنه في الآخرة لمن يأتي وقلبه ميت أو مريض لا مستشفى إلا النار، يخلطون في جهنم من أجل أن يعالجوا، فالذي مرضه مستعصي مشرك بالله يخلد في النار ليس له خروج، والذي مرضه معاصي تحت مشيئة الله، إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له، هذه الهيئة الثالثة أن يأتي سليم القلب.