ومن العلامات: انتفاخ الأهلة، يعني: أن يرى الهلال عند ظهوره كبيراً، حتى يقال: في ليلة ظهوره هذا الهلال عمره ليلتين أو ثلاث ليال، فهذه من علامات الساعة، والحديث أخرجه الألباني في صحيح الجامع الصغير وقال: صحيح الإسناد، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اقتراب الساعة -أي من علامات قرب وقوع الساعة- انتفاخ الأهلة) وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اقتراب الساعة أن يرى الهلال فيقال لليلتين، وأن تتخذ المساجد طرقاً، وأن يظهر موت الفجأة) هذا الحديث أيضاً عزاه في صحيح الجامع إلى الطبراني وقال إسناده حسن.
(أن يرى الهلال يقال لليلتين، وأن تتخذ المساجد طرقاً) يعني أن يكون الواحد له حاجة في السوق وبيته في الجانب الآخر، فيصعب عليه أن يلتف فيختصر الطريق ويتخذ المسجد طريقاً، وهذا موجود في مكة المكرمة، ولما قرأته مرة على أحد الإخوان قال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، كثير من الناس لا يغدو ولا يمشي إلا باختراق المسجد الحرام؛ لأن اللفة طويلة، فهو يختصر الطريق، فيدخل من باب ويخرج من الباب الثاني، ويتخذ المسجد طريقاً.
(وأن يظهر موت الفجأة) وموت الفجأة هو ما يحصل للناس من وفاةٍ غير متوقعة، إما بمرض مفاجئ، أو بحادث مروع، وهو للمؤمن راحة، وعلى المنافق حسرة، فالمؤمن لا يدري إلا وقد انتهى، والمنافق عليه حسرة؛ لأنه لا يمكن من التوبة ولا يعطى فرصة لتصحيح الوضع مع الله عز وجل، وهذه كثيرة، ما كان موت الفجأة مشهود بكثرة عند الناس، فما يأتي موت إلا بمرض وتعب، أما الآن لا.
قَلَّ من يموت على فراشه، وما نسمع الموت إلا في حوادث، ينزل الواحد وما يتصور أنه يموت ويموت في ذلك اليوم الذي ما يتصور فيه، يموتون بالمئات، تسقط الطائرة وفيها ثلاثمائة راكب كلهم كانوا أحياء وفي لحظة إذا بهم أموات، تنقلب السيارة بالأسرة كاملة، الرجل والمرأة والأولاد بعضهم يضحك، وبعضهم يتكلم، وبعضهم يشرب العصير، وفي لحظة واحدة كلهم يموتون.
وقد سمعنا بالحادث الذي وقع لبعض طلاب العلم والشباب المؤمن الملتزم الذي نسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يسكنهم فسيح جناته، اللهم أسكنهم فسيح جنانك، وأدخلهم في رحمتك ورضوانك، وعوض أهلهم خيراً، واجبر قلوبهم إنك على كل شيء قدير.
وهذا الحادث المروري وقع لبعض إخواننا في الله وكانوا صائمين، وأحدهم كان متوفياً والمصحف في يده، والثاني الذي لحقه بعد فترة أمضى في الإنعاش عشرة أيام أو أكثر أو أقل ومات بالأمس.
وكان صائماً يوم أن وقع له الحادث ودخل في غيبوبة حتى توفي رحمة الله تعالى عليهما، ما كانوا يفكرون بموتهم في تلك اللحظات، وآلاف الحوادث تحصل للناس ولكن هنيئاً للمؤمن، وويلٌ للمنافق.
ويلٌ له يوم أن يموت، كما سمعتم قصة ذلك الشاب الذي وقع له حادث وهو يغني، وجاءوا عليه بدل أن يقول: لا إله إلا الله، كان يقول في نفس اللحظات: هل رأى الحب سكارى مثلنا؟ فكان يغني بأغنية أم كلثوم ويقول: هل رأى الحب سكارى مثلنا؟ والشريط يغني وهو معصور بطنه، وقلبه بمقود السيارة وهو لا زال يغني، قُبض على هذه الكلمة، والله ما رأى الحب أسكر ولا أفشل منك يا بعيد، عاش على شيء فمات عليه والعياذ بالله.