شيء آخر أقل أهمية من الهواء، لكن إذا لم يكن موجوداً مات الناس! الماء تحتاج إليه في أوقات وتستغني عنه في أوقات، فما جعل الله الماء ملازماً لك بحيث تمشي والماء يمطر عليك ليل نهار؛ ولو كان ذلك لغرقت وانتهيت، لكن جعل الله الماء في إمكانك الحصول عليه بأبسط التكاليف، تحفر الأرض فتخرج لك عين أو بئر، يجري الله الأنهار، وينزل الأمطار، فتحمل الأرض هذه المياه وتختزنها إلى مستوى قريب ثم تحفرها وتلقاها، لو أن الله عز وجل أخذ ماء المطر وتركها فوق الأرض لأسنت الأرض وتعفنت وانتشرت فيها الملاريا والحمى وكل الأمراض، ولو أن الله عز وجل فتح الأرض ونزل الماء إلى أسفل السافلين لم نجد قطرة، لكن لماذا الله عز وجل نزله إلى عدة أمتار وأبقاه؟ يقول الله عز وجل:{فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ}[المؤمنون:١٨] وقال: {وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ}[الحجر:٢٢] تأتي على البئر مملوءة بالماء لا تذهب، بينما الماء إذا وجد أي فرصة للنفاذ ينفذ، والأرض عبارة عن طين وحجر وفيها شقوق لكنها أقوى من الحديد، فلا تسمح بنفاذ قطرة واحدة، ولو فتح في الأرض في أسفل البئر شق صغير لذهب الماء كله:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ}[الملك:٣٠] الله رب العالمين.
فلما كان الماء ذا أهمية -ولكن أهميته تقل عن أهمية الهواء- وجد الماء لكن بنوعٍ من الكلفة؛ تحفر لك بئراً أو تمشي إلى النهر وتأخذ لك ماءً، المهم أنه موجود، لكن لا تستطيع أن تصبر عن الماء طويلاً، وفي البلاد الحارة يقول الأطباء والعلماء: يمكن أن يعيش الشخص مدة ثلاثة أيام أو أربعة أيام أو أسبوع إلى أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع بدون ماء، لكن بعدها تجف عروقه ويموت، وفي البلاد الباردة يمكن أن يعيش إلى شهرين بدون ماء؛ لأن الجو يرطب جسده ويعطيه قدرة على العيش بدون الماء.