هجر القرآن سبب من أسباب عذاب القبر، ففي صحيح البخاري، من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه، في حديث الرؤيا الطويل، الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم:(إنه أتياه رجلان فقالا له: انطلق انطلق فانطلق بهما ومر على أناس يعذبون في البرزخ، ومن ضمنهم أنه رأى رجلاً مستلقٍ على ظهره وآخر على رأسه بحجر يرضخ رأسه ثم يتدحرج الحجر، فلا يعود له ويأخذه إلا وقد أعاد الله ذاك كما كان، فيرضخه، وكلما ذهب الحجر أتى به ورضخه، فقال لجبريل ولمن معه: ما هذا؟ فقال له: هذا الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة) رأس مليء بالنفاق، أخذ القرآن وحفظه ثم رفضه.
والله بعض الحفظة الآن يمر عليه الشهر والشهران لا يقرأ آية، وهو قد حفظ القرآن، هذا وعيد شديد على من هذا فعله، لا حول ولا قوة إلا بالله! أنار الله بصيرته، وقذف الله القرآن في قلبه، وجعله مستودعاً وقمطراً للعلم.
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول
وتجد بعضهم قد استعاض عنه بالأغاني والمسلسلات، والصحف والمجلات، واللهو واللعب، وترك القرآن، هذا ثقل رأسه عن القرآن، فتولد عنه الإعراض عن القرآن، تثاقله عن الصلاة المكتوبة؛ لأن القرآن هو الذي يبعث فيك الإيمان، فإذا هجرت القرآن وثقل رأسك عنه فإن النتيجة حتمية أن يثقل رأسك عن الصلاة، فلا تقوم إلى الصلاة، ولا بد لكل رأس خربان من دواء، ودواء هذا الرأس الخربان أن يرضخ في القبر بحجارة.
يا إخواني! والله ما تتحمل العي، إذا كان عندك قدرة فخذ حجراً صغيراً ودق بها أُصبعك، فكيف إذا رضخت بها على رأسك؟ -والعياذ بالله-.
وسوف -إن شاء الله- نتكلم بشيء من الإسهاب، وجمع للأدلة على هجر القرآن؛ وأنه كبيرة ومعصية من المعاصي الكبيرة، وعلى نسيان القرآن، وعلى المراء في القرآن، وعلى عدم التحاكم إلى القرآن، وتدبر القرآن، وقراءة القرآن؛ لأنه نور أراد الله لهذه الأمة أن تعيش به، ونفخ فيها الحياة به فجعله روحاً لها، قال عز وجل:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً}[الشورى:٥٢] هو روح للأمة بمعنى: الذي ليس عنده قرآن، جسده ميت لا حياة فيه:{رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ}[الشورى:٥٢ - ٥٣].