المجال الثاني من مجالات التأمل والتدبر للقرآن الكريم: مجال النظر في أوامر الله وما جرت عليه من صلاح، كل الأوامر، أمر الله عز وجل بالتوحيد والعقيدة، أمر الله بالصلاة، أمر الله بالزكاة، أمر الله بالحج، أمر الله بالصوم، أمر الله ببر الوالدين، أمر الله بصلة الأرحام، أمر الله بالدعوة إليه، أمر الله بالجهاد، كل أوامر الله ما إن تعمل الفكر فيها وتفكر إلا وتجد أن في مشروعيتها وفي أمر الله بها خيراً عظيماً لهذه الأمة.
هذه الصلاة يقول الله عز وجل فيها:{إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}[العنكبوت:٤٥] الصلاة هذه لها مصلحة عظيمة، لماذا؟ لأنك تستحي أن ترى منكراً وستصلي بعد قليل أو كنت تصلي قبل قليل، هذه زاد وقوت لك، كأنها تمدك بطاقة من أجل أن تصارع الحياة وعندك إيمان تتزود به في كل يوم خمس مرات.
ويقول الله في الزكاة:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ}[التوبة:١٠٣] هل تدري أنك إذا دفعت الزكاة أنك تطهرت وزكوت؟ وما معنى تطهرت؟ أي: انتصرت، كنت متنجساً بنجاسات المادة التي يمكن أن تجذبك وتجعلك أرضياً، لا.
زكيت نفسك وطهرتها ارتفعت بها، علوت على المادة، انتصرت على النفس، أخرجت المال، وهو تحت قدمك، وصرت أنت سيد المال، لكن لما تبخل أنت على المال ولم تخرج زكاته تصير أنت عبد المال وعبد الدنيا.
الصوم يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).
الحج، يقول عليه الصلاة والسلام:(من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه){الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}[البقرة:١٩٧].
هذه الأحكام الشرعية التي أمر الله عز وجل بها، والأوامر كلها مصالح للعباد، أمر الله ببر الوالدين، بصلة الأرحام، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لماذا؟ لمصلحة العباد، فما من جزئية من أوامر الله إلا وفيها مصلحة، هذا مجال ثانٍ.