للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحذر من المعاصي والذنوب]

الثامن من وسائل تقوية الإيمان: الحذر من جميع الذنوب والمعاصي؛ لأنها تحرق الإيمان، فهو يزيد بالطاعة وينقص بالمعاصي، فإذا سمعت أغنية نقص إيمانك شئت أم أبيت، وإذا نظرت إلى امرأة لا تحل لك نقص إيمانك، وملأ الله عينيك ناراً يوم القيامة: (من ملأ عينيه من الحرام ملأهما الله من جمر جهنم) إذا تكلمت بالغيبة والنميمة نقص إيمانك، إذا وقع الشخص في الزنا -أعاذنا الله وإياكم (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) - ينسلخ من الإيمان، وإذا تاب ونزع يرجع.

فاحذر ثم احذر من المعاصي، وأبواب المعاصي سبعة: العين لا تنظر بها إلى الحرام، والأذن لا تسمع بها الأغاني والحرام، واللسان لا تتكلم به في الحرام، واليد لا تمدها على حرام، والرجْل لا تمشي بها في حرام، والبطن لا تدخل فيها حراماً من دخان أو جراك أو خمر أو حشيش أو مخدرات أو ربا أو أي حرام، فإن الله طيب ولا يقبل إلا طيباً، والجنة دار الطيبين، فلا تكن خبيثاً، بعض الناس -والعياذ بالله- يعيش على الخبث ويشمه ويأكله، وأيضاً يوقع نفسه في الخبث! بعد ذلك فرجك لا تطأ به إلا الحلال؛ لأن الحرام ليس لك، أنت مسلم مؤمن والله يقول لك: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} [الإسراء:٣٢]، (ومن زنا بامرأة في الدنيا كان عليه وعليها في القبر نصف عذاب هذه الأمة) (وما عصي الله بذنب بعد الشرك أعظم من نطفة يضعها الرجل في فرج لا يحل له) (والذي نفس محمد بيده إن ريح فروج الزناة ليؤذي أهل النار) (والذي نفس محمد بيده إن فروج الزناة والزواني لتشتعل عليهم ناراً يوم القيامة) تتحول فروج الزناة والزواني إلى براكين من نار تشتعل من أجل لذة محرمة، فلا تفعل {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى} [الإسراء:٣٢] ولم يقل الله: لا تزنوا، بل قال: لا تقربوا، أي: كل ما يوصل إلى الزنا لا تقترب منه، فلا تنظر؛ لأن النظر بريد الزنا، ولا تسمع الغناء؛ لأن الغناء رقية الزنا، ولا تتكلم مع النساء؛ لأن الكلام مع النساء في الباطل أولاً: لا يجوز للمرأة أن تكلم الأجنبي إلا عند الضرورة، وإذا تكلمت عند الضرورة فبصوت معروف، يقول الله: {وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} [الأحزاب:٣٢] ولا تخضع في العبارة، لأن الله يقول: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب:٣٢] لأن بعض النساء صوتها يفتن أكثر من مظهرها.

والأذن تعشق قبل العين أحياناً

فإذا جاءت مكالمة وأنت في البيت فرد أنت، لكن بعضهم جالس وتجده يقول: ردي يا امرأة! وأنت يا كرتون ماذا تعمل؟! تجعل الرجال يتحدثون مع امرأتك، تكلمهم امرأتك وأنت قاعد! فترد المرأة، فإذا ردت: (ألو) فلان، وقالت: لحظة، فهذه طعنة؛ لأن الرجل يتأثر بالصوت يا إخواني! فلا ترد امرأتك أبداً وأنت موجود وإنما ترد أنت، وإذا كنت غير موجود فيرد الولد الصغير، الولد غير موجود ترد الطفلة، لا يوجد أحد في البيت إلا المرأة فترد؛ لأن بعض الرجال يقول: لا تردي أبداً، لا، ليس هناك شيء، لأن الله يقول: {وَقُلْنَ} [الأحزاب:٣٢] أمر الله أن تقول لكن ترد بالمعروف: من؟ السلام عليكم، وعليكم السلام، فلان موجود؟ لا، أين ذهب؟ لا أدري، انتهى، ماذا سيقول ذاك الذي يسمع الصوت، سيقول: الله أكبر عليها لكن إذا ردت وقالت له: من؟ وأين ذهب؟ وغير موجود، ومن أنت؟ ومن تكون؟ وفتحت تحقيقاً صحفياً، وجاء الشيطان إليه وقال: انظر الناس الطيبين، انظر المرأة الممتازة، انظر الزوجة، ويمكن أن زوجها مسكين يراها طيبة لكن صوتها ضعيف، يمكن صوتها مثل (شكمان المرسديس)، فإذا سمع صوتاً لهذه وصوتاً لتلك فهذه فتنه الشيطان.

أجل.

لا تخضع المرأة في القول، تحفظ لسانها إلا بالمعروف، فالله حرم الزنا وحرم كل شيء يوصل إليه، حرم الزنا وحرم التبرج، فما هو التبرج؟ هو أن تحمل المرأة زينة وتتبرج بها أمام الناس من أجل أن تلفت أنظارهم، إما في لباس، أو كحول، أو ذهب، أو عطر، أو حذاء عالٍ، أو شعر، أو غطاء خفيف، أو برقع، تطعن بعيونها في عيون الناس -والعياذ بالله- وتقول: أنا متحجبة، ليس هذا حجاباً وإنما هذا كذب، الحجاب أن يحجب كل شيء، أما أن تغطي بعضاً وتبدي عينيك فإن أجمل ما في المرأة عيناها، ولو كشفت وجهها لكان أسهل في الأثر من كشف عينيها، والشعراء لم يتغنوا إلا بالعيون، لم يتغنوا بالخشم أو بالأذن، يقول أحدهم:

إن العيون التي في طرفها حور قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

والناس يقولون: والله إن عيونها تذبح، نعم، والشاعر الغنائي يقول:

عيونك قطعت قلبي كما حبحب على السكين

صدق! لماذا قطعت قلبك؟ لأنك نظرت إليها، والله يقول: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور:٣٠] وأنت إذا رأيت إلى المرأة نظرت بعيونك وتعصي ربك، ربك يقول لك: غض وأنت تفتح (من ملأ عينيه من الحرام ملأهما الله من جمر جهنم) والمرأة التي تخرج من أجل أن تلفت الناس إليها ما من عين تنظر إليها إلا سمرها الله بكل نظرة مسماراً من النار، فأكثري أو أقلي أيتها المرأة، بعض النساء تخرج وهي سليمة وترجع وهي ملغمة مسامير من كل جهة.

فيها بقدر ما نظر الناس إليها، ولذا المؤمنة لا تخرج أبداً، وكانوا في الماضي يقولون: المؤمنة لها خروجان: الخروج الأول إلى بيت أبيها أو إلى بيت زوجها، والخروج الثاني إلى قبرها، واليوم لها في كل يوم عشرون خروجاً، حتى إن بعض النساء تجعل عبايتها عند الباب كل لحظة وهي تريد أن نخرج، وإذا قيل لها: اجلسي، قالت: يضيق صدري يضيق صدرها من البيت، ويتوسع صدرها في الشارع! ويتوسع صدرها في الحديقة والمعارض والأسواق؛ لأنها تنظر وتتمشى، وتبيع عرضها وعرض أبيها وعرض زوجها، أما المؤمنة فيضيق صدرها في السوق وفي كل مكان، ولا ينشرح صدرها إلا في بيتها وسترها وعرشها ومملكتها، والله يقول: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:٣٣] لم يقل: اجلسن، بل قرن، والقرار هو الجلوس مع عدم القيام، مثل الجبل المستقر الذي لا يتزحزح من مكانه، قال الله: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب:٣٣] فلابد -أيها الإخوة- أن نحذر المعاصي ونحذر الوقوع فيها.