للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأرض وأَلْصَقَه فليس هذا بسجود.

ومن هنا غَلِطَ من غلط وقال: إن الاعتدالين ليسا بركنينِ طويلينِ، لما ظنّوا أن المقصود مجرَّد الفضل، والصواب ما جاءت به السنّةُ إيجابًا للاعتدال واستحبابًا لإتمامه وتسويته بسائر الأركان، لأن هذا القيام والقعود وإن كانا تابعًا (١) من بعض الوجوه فالقعودُ في آخر الصلاة أيضًا تابعٌ من بعض الوجوه للسجود، وإنما المقصود المحض: القيامُ المشتمل على القراءة المقصودة، والسجودُ الذي هو غاية الخضوع، كما قال: (سَاجِدًا وَقَائِمًا) (٢). فإذا كان بعضُ أركان الصلاة الفعلية أفضلَ من بعضٍ وأبلغَ في كونه مقصودًا لم يمنع إيجاب التابع المفضول، كالركعتين الأخْريَين مع الأوليين، وكإيجاب الطمأنينة.

وحرف المسألة أنّ إتمامَ الأركان فرضٌ، ولا يَتمُّ إلا بذلك، وإتمامُ الصلاة من إقامتها، وقد دلَّ على ذلك الكتاب والسنة، فإن قوله في الخوف والسفر (أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) (٣) -فالخوف يُبيح قَصْرَ الأفعال والسفرُ قَصْرَ الأعداد- دليلٌ على وجوب الإتمام في الأمن والطمأنينة في الطمأنينة، لقوله تعالى (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) (٤)، وإتمامُها من إقامتها كما جاءت به السنة، حيث قال للمسيئ في صلاته: "ارجِعْ فصَلِّ، فإنك لم تُصلِّ"، وقال: "فإذا فعلتَ هذا فقد تمت صلاتك" (٥)، فجعلَ من لم يُتمها لم يُصلِّ. والله سبحانه أعلم.


(١) كذا في الأصل بالإفراد.
(٢) سورة الزمر: ٩.
(٣) سورة النساء: ١٠١.
(٤) سورة النساء: ١٠٣.
(٥) أخرجه البخاري (٧٥٧، ٧٩٣) ومسلم (٣٩٧) عن أبي هريرة.