للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفارق بين أوليائه وأعدائه. قال تعالى: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥)) (١)، وقال تعالى: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٢١)) (٢)، وقال تعالى: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨)) (٣). والأول يتعلق بحكم ربوبيته وأمره الكوني الشامل لوليه وعدوه، كما قال: (مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦)) (٤).

وقد بسطنا الكلام على هذا المقام الذي ضلَّت فيه أممٌ من الأنام، وبينا الفرقَ بين كلماته الدينية والكونية، وإرادته الكونية والدينية، وإذنه الكوني والديني، وكذلك حكمه، وأمره، وتحريمه، وبعثه، وإرساله، والفرق بين الحقيقة الكونية التي يُقِرُّ بها المشركون وهي الحقيقة القدرية، وبين الحقيقة الدينية الحَي يختص بها المؤمنون، وكيف اشتبه على كثير من الخائضين في الحقيقة هذا الباب بهذا الباب، حتى لم يفرقوا بين الهدى والضلال، والرشاد والغي، والخطأ والصواب، بل آل الأمر بكثير منهم إلى أنهم لم يفرقوا بين الخالق والمخلوق، حتى دخلوا في الحلول والاتحاد الذي هو من أعظم الكفر وأكبر الالحاد، فالأشياء


(١) سورة القلم: ٣٥.
(٢) سورة الجاثية: ٢١.
(٣) سورة ص: ٢٨.
(٤) سورة هود: ٥٦.