للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا أرادَ أحدُكم أن يُضَحيَ ودخلَ العَشْرُ فلا يَأْخُذْ مِنْ شَعرِه ولا مِن بَشرَتِه شيئاً" (١)، مع حديث عائشة: كنتُ أَفْتِلُ قلائدَ هَدْي رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم يَبْعَثُ به وهو مُقيم، فلا يَحْرُمُ عليه شيء ممّاَ يَحْرُمُ على المُحْرِم (٢).

والناس في هذا على ثلاثة أقوال:

منهم من يُسوي بين الهَدْيِ والأضْحية في المنع، ويقول: إذا أرسل المُحْرِمُ هَدْيا لم يَحِل حتى يَنْحَر، كما يُروى عن ابن عباس (٣) وغيره.

ومنهم من يُسوي بينهما في الإذن، ويقول: بل المضحّي لا يُمنَع عن شيء كما لا يُمْنَع المُهْدِيْ، فيقيسونَ على أحدَ النصينِ ما يعارضُ الآخر.

وفقهاء الحديث كيحيى بن سعيد والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم عملوا بالنصين، ولم يَقِيْسُوا أحدهما على الآخر، كما أن الله لمّا أحلَّ البيعَ وحرمَ الربا (٤) لم يَقِسِ المسلمون أحدَهما على


(١) أخرجه مسلم (١٩٧٧) وأبو داود (٢٧٩١) والترمذي (١٥٢٣) والنسائي ٧/ ٢١١، ٢١٢ وابن ماجه (٣١٤٩).
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣٤٠، ٣٤١ ومن طريقه البخاري (١٧٠٠، ٢٣١٧) ومسلم (١٣٢١).
(٣) الرواية عنه في المصادر السابقة في الحديث المذكور. وانظر السنن الكبرى للبيهقي ٥/ ٢٣٤.
(٤) في قوله تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) [البقرة: ٢٧٥].