فالتحقيق: أن السبب الذي فعلوه إذا لم يكن منهيًّا عنه، لم يكن على صاحبه إثم فيما يَتولّد عنه من موت، أو سُكْر، أو غَشْي، أو نحو ذلك.
وأما إذا كان السبب محظورًا، لم يكن صاحبُه معذورًا، كما في زوال العقل بالسُّكْر، ونحوه.
فمن شَرِبَ مُحرَّمًا يُزيلُ عقلَه، كان مذمومًا على زوال عقله.
ومن أُوجِرَ الخمرَ، أو أُسْقيَ ما ظَنَّه مباحًا، فتبيَّن محظورًا، ونحو ذلك، لم يكن مذمومًا على زوال العقل.
فكما يعرض مَغِيب العقل عند السماع لِمَا يَرِدُ على القلب، فكذلك يعرضُ مَغِيبه عند مشاهدة أمور، وعند ورود أمور عليه من غير سماع ظاهر؛ إذ السماع يورث معارفَ (١) وأحوالًا، وكذلك تحصل هذه في غير السماع.
وإذا كان زوال العقل غير مقدور وصاحبُه في الشرع معذور، لم يَجُزْ أن يُجْعلَ آثمًا بذلك، ولا مُعاقَبًا عليه، بل ولا منهيًّا عنه، ولا مذمومًا عليه.
بخلاف مَن يكون قد حصل له ذلك بسببٍ محظور، كمن يسمع السماع المنهيّ عنه، سماع المُكاء والتّصْدِية، فيُورِثُه هذه الأحوال التي يزول فيها عقله. فهذا مذموم على ذلك.
لكن إن كان متأوّلًا معتقدًا جواز ذلك، لاجتهادٍ أو تقليد، أو غير