للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علم بالاضطرار أن مذهبه أن القرآن كلام الله ليس شيءٌ منه كلامًا لغيره.

وإن كان بعض المنتسبين إليه قال قولًا يخالفُ ذلك فالشافعيُّ - رحمه الله - بريءٌ منه، كبراءة عليٍّ - رضي الله عنه - من الرافضة، وبراءة سائر الأئمَّة مالك وأبي حنيفة وأحمد من الرافضة والمعتزلة والحلولية ومِن هذا القول المذكور، وإن كان من المنتسبين إلى الأئمَّة من يقول ببعض أقوال هؤلاء.

وهذا القول إنما يضافُ إلى بعض المنتسبين إلى أبي الحسن الأشعري، والشافعيُّ - رضي الله عنه - كان قبل الأشعري، ومات رحمة الله عليه قبله بأكثر من مئة سنة (١).

وأصحابه العارفون بمذهبه، كالشيخ أبي حامد الإسفراييني إمام الطريقة العراقية، والشيخ أبي محمد الجويني شيخ الخراسانيين، وغيرهما، يذكرون أن مذهب الشافعي في مسألة كلام الله تبارك وتعالى هو مذهب أحمد بن حنبل وسائر أئمَّة المسلمين، وأنه ليس هو القول المضاف إلى الأشعري (٢).

مع أن الأشعريَّ لا يُطْلِقُ القول بأن القرآن كلام جبريل، بل يقول: إن القرآن كلام الله عزَّ وجل، لكن هو صنَّف في الردِّ على الفلاسفة والمعتزلة والرافضة وغيرهم، وانتصر لمذهب أهل الحديث والسُّنَّة، وانتسب إلى الإمام أحمد وسائر أئمَّة السُّنَّة، وأثبت الصفات الواردة في القرآن، وأبطل


(١) توفي الشافعي سنة ٢٠٤، وتوفي الأشعري سنة ٣٢٤.
(٢) انظر: "درء التعارض" (٢/ ٩٥ - ١٠٠، ١٠٥ - ١١٠)، و"جامع المسائل" (٥/ ١٢٧، ١٢٨)، و"مجموع الفتاوى" (١٢/ ١٦٠، ٣٠٦، ٥٥٧).