من دنا منّي بالعمل الصالح بقدر شبرٍ أتيته بالثواب قدر ذراع، والذراع أكثر من الشبر وكذلك من الباع. وقال:«من أتاني يمشي»، يقول: يسارع إليّ بالعمل الصالح، أسرعتُ إليه بالثواب. يريد بالهرولة الثواب، لا أن الهرولة أسرع من المشي، يقول: ثوابي أكثر من عمله.
فهذا مما لا يُحْمَل على ظاهره وما كان مثله؛ فمن الحديث ما يكون معناه في باطنه، ومنه ما يكون معناه في ظاهره.
فهذا الذي قاله في معناه تقوله طائفةٌ من الناس وتُنازِعُهم فيه طوائف، فيجعلون معنى الحديث قدرًا زائدًا على الثواب، كما تقدم في القُرْب.
وأما كون ذلك وَفْق الظاهر أو خلاف الظاهر ففيه أيضًا نزاع، كما تنازعوا في أن ما ظهر معناه في العقل هل يقال: إنه خلاف الظاهر؟ كما في قوله:{وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}[النمل:٢٣]، كما ظهر معناه بالتركيب والسياق.
كذلك ما ذكره من حديث الفراش، فإنه قد ثبت في «الصحيح»: «الولد لصاحب الفراش»(١)، وأحد اللفظين يفسّر الآخر، والمعنى من الحديث ظاهر، بل نصٌّ لا يحتمل معنيين، ولكن بعض الفقهاء اعتقد أن الفراش اسم للزوج خاصة، حتى أخرجَ السيدَ المتسرّي، وجمهور
(١) البخاري (٦٧٥٠) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.