للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصلت (١).

وتحقيق ذلك أن الثناء (٢) المتضمن لمعرفة المسؤول وجوده ورحمته، يُورث اللجأَ إليه والافتقارَ إليه والرغبةَ إليه، أعظمَ بكثيرٍ مما يُوجِبُه مجردُ السؤالِ الخالي عن تلك المعرفة والحال. وهكذا الأمر من جانب المعطي، فإن معرفته بحال المُعطَى وصفاتِ استحقاقِه تُوجِب إعطاءَه أعظمَ مما يكون بمجرد السؤال باللسان. ولهذا يكون إظهارُ الفاقةِ والفقرِ إلى الله والحاجةِ والضرورةِ فقط أبلغَ من سؤال شيء معين.

فهذا في إخبار العبد بحالِ نفسِه وإقراره بذلك واعترافِه نظيرُ إخبارِه بصفات ربه وثنائه عليه ومدحِه له، وكلاهما خبرٌ يتضمن الطلب. وهذا نوع واسعٌ من الكلام، وهو الخبر المتضمن للطلب، كما أن الطلب يتضمن الخبر.

وهذا الوجه يتضمن وجهين:

أحدهما: أن الثناء والإخبار كلّه لفظُه لفظ الخبر ومعناه الطلبُ والسؤال حقيقة عرفية، كما يقول الابن لأبيه: أنا جائع، ويقول السائل


(١) قوله في ديوانه (ص ٣٣٢) والحماسة (٢/ ٣٩٥، ٣٩٦):
أأطلبُ حاجتي أم قد كفاني ... حياؤك إن شِيْمتَك الحياءُ
إذا أثنى عليك المرء يومًا ... كفاه من تعرُّضِه الثناءُ
(٢) في الأصل: «الدعاء الثناء». ولعل الشيخ نسي الضرب على «الدعاء».