للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لما أراد إجلاءَ يهودَ، فقالوا: لنا ديونٌ على الناس، فقال: «ضَعُوا عنهم، وليُعجِّلوا لكم ذلك» (١).

وذلك أنه هناك حرم لما فيه من ضرر المحتاج، وهو الذي يأخذ التسعين، فإنه يأخذها، ويبقى عليه مئة، فيتضرر ببقاء الزيادة في ذمته، وهنا المئة له فهو غني، وهو يضع منها عشرةً عن المدين، والمدين هو المحتاج في العادة، ففي هذا رِفقٌ بالمدينِ بالوضع عنه، وفيه منفعة للآخذ لحاجته إلى التعجيل، والآخذ هنا هو صاحب المئة، فكأنه استأجر من المئة بعشرة دراهم من عجَّلها له، بخلاف ما إذا بقيت المئة في ذمة المحتاج.

فيجب أن يُفرَّق بين العوض الساقط من الذمة والعوض الواجب في الذمة، فالعوض هنا ساقطٌ من ذمة المدين لا واجب في ذمته.

ومما يُشبه ذلك أنه روي حديث أنه نَهَى عن بيع الكالئ بالكالئ (٢)، أي المؤخر بالمؤخر. وإسناده ضعيف، لكن العمل عليه، مثل أنه يسلم مئةً مؤجلةً في غرارة قمح، فلا هذا قبض شيئًا ولا هذا قبض شيئًا، بل اشتغلت ذمة كل منهما بما عليه من غير منفعة، والمقصود هنا بالبيع


(١). أخرجه الدارقطني (٣/ ٤٦) والحاكم في المستدرك (٢/ ٥٢) والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٢٨) عن ابن عباس. وفي إسناده مسلم بن خالد الزنجي، وهو ضعيف.
(٢) أخرجه الدارقطني (٣/ ٧١، ٧٢)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٥٧) والبيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٢٩٠) من حديث ابن عمر. وفي إسناده موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف. ووقع عند الدارقطني والحاكم: موسى بن عقبة، وهو خطأ.