للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للقلب، وإن كان تحصُل به أيضًا مضرَّة، كالخمر والميسر التي قال الله فيهما: {فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: ٢١٩].

ولهذا يقولون: فلانٌ صاحبُ علم، وفلانٌ صاحبُ كلام. وهذا كثيرٌ في كلامهم، مثل قول الإمام أحمد عن ابن أبي دؤاد: "لم يكن يعرفُ العلم ولا الكلام" (١)، وقوله: "عليكم بالعلم" (٢).

فصل

إذا عُرِف هذا، فالكلام المبتدَع المذموم هو الذي ليس بمشروعٍ [ولا] مسنون، وليس بحقٍّ ولا حسن، وهذان الوصفان متلازمان، فإن كلَّ مشروعٍ مسنونٍ فهو حقٌّ حسن، وكلَّ ما هو حقٌّ حسنٌ فهو مشروعٌ مسنون، وكذلك بالعكس.

وذلك أن الكلام نوعان: إنشاء، وإخبار.

فأما الإنشاء، فمثل: الأمر والنهي، فكلُّ أمرٍ ونهيٍ لا يكون موافقًا لأمر الله تعالى ونهيه فهو ضلالٌ وغيٌّ.

وأما الإخبار، وهو الغالبُ على فنِّ الكلام المتنازع فيه، فإنه إخبارٌ عن حقائق الأمور الموجودة والمعدومة، كالإخبار عن الله تعالى وصفاته


(١) انظر: "محنة الإمام أحمد" لحنبل (٤٧)، ولعبد الغني المقدسي (١١٥).
(٢) لعله يريد أثر معاذ بن جبل - رضي الله عنه - المشهور في فضل العلم الذي أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (١/ ٢٣٨)، وإسناده شديد الضعف. وانظر: "الانتصار لأهل الأثر" (٥٢، ١٦٠).