للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُرسِلتْ به الرسل وأُنزِلتْ به الكتب، كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:"إنا معاشرَ الأنبياء ديننا واحد" (١).

قال تعالى: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) (٢)، وقال في الآية الأخرى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) (٣).

فصل

وإيضاح هذا الكلام أن يقال: الإنسان له فعلٌ باختياره وإرادته، وهذا ضروري له، كما قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:" أصدق الأسماء الحارث وهمَّامٌ " (٤)، بل وكل حيٍّ فهو كذلك.

والفعل الاختياري له مبدأ، وهو الإحساس والشعور المحرِّكُ للمحبة والإرادة والقدرة عليه، وله منتهى، وهو المقصود المراد المحبوب بذلك الفعل.

وقد بينا -فيما تقدم- أن مبادئ الفعل لا يجوز أن تكون من العبد، لأن فعله لها حادث من الحوادث، فلا يجوز أن يَحدُث بنفسه، ولا يجوز أن يحدث فعله بمبادئ فعله، لأنه يلزم أن تكون تلك


(١) أخرجه البخاري (٣٤٤٣) ومسلم (٢٣٦٥) من حديث أبي هريرة بمعناه.
(٢) سورة الشورى: ١٣.
(٣) سورة الروم: ٣٠.
(٤) سبق تخريجه.