للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روايتان. ومن أصحابه من قال: ليس له الإمساك إلاّ بكل الأجرة، وضعف هذا على أصل أحمد ظاهر بين. وإنما الكلام إذا قلنا: إنه ليس للبائع إلاّ المطالبة بالأرش مع إمكان الرد.

فنظير هذه المسألة في الإجارة أن تَظهر العينُ المؤجرةُ مَعِيبةً في استيفاء شيء من المنفعة، فهذه الصورة كالبيع، وأما إذا كان قد ازدرع الأرض، ثم عابت في أثناء المدة، ونَقَصتْ منفعتُها، فهنا ليس (١) عليه ردّ جميع المنفعة، بل غايته الفسخ في المستقبل. وإذا فسخ في المستقبل كان له إبقاء زرعه بأجرة المثل، ومعلوم أن إبقاءه بقسطه من الأجرة أولى. كما نقول: إذا تعطلت المنفعة في أثناء المدة أنه ينفسخ الإجارة فيما بقي من المدة، ويجب للماضي قسطه من الأجرة. هذا مذهب مالك وأحمد والشافعي، وجعل بعض أصحابه له قولاً بالانفساخ في الجميع، ووجوب أجرة المثل للماضي، كالهلاك الطارئ في بعض المبيع، ومعلوم أْن المستأجر إذا كان له زرع في الأرض لم يمكنه إذا فسخ ردّ المنفعة، بل له إبقاؤه بأجرة المثل، فإبقاؤه بقسطه من المسمى مع أنه يحطّ عنه قسط ما نقص من المنفعة أولى. فعيب المنفعة في الإجارة إن كانت قبل تسلُّم شيء من المنفعة فهذا كالبيع، وإن كانت بعد استيفاء شيء من المنفعة فلها صورتان:

إحداهما: أن يتعذر ردُّ العين المؤجرة لما له فيها من الزرع ونحو ذلك.

والثانية: أنه يمكن ردّ العين، كالدار المعيبة والطاحون والحانوت.


(١) في الأصل: "لا".