للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنفعة التي حصلت له بالدعاء. وبهذا تزول شبه تعرض في هذا الموضع، فإن قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من صلى عليّ مرة صلّى الله عليه عشرا" يوهم أنه يحصل للمصلي أكثر ما يحصل للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مثلها، من جهة كونه دعاه إلى هذا الخير لا من جهة صلاة العبد، ويحصل بصلاة العبد أيضًا ما جعله الله لذلك.

فقد ظهر الفرق بين هذا وبين إهدائه لوالديه ونحوهم، كما أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سعد بن عبادة بالصدقة عن أمه ولم يكن واجبًا عليها، إذًا ثبت بالسنة أنه يفعل عن الوالد الواجب وغير الواجب، فقد ظهر الفرق من وجهين:

أحدهما: أنه لم يثبت أن كل عمل يعمله الولد يكون لأمه أو لأبيه مثل أجره، وإنما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا ماتَ ابنُ آدم انقطع عملُه إلاّ من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتَفَع به، أو ولد صالح يدعو له" (١). وفي الحديث الآخر: "إن الرجل إذا قرأ القرآن فإنه يُكسَى والداهُ من حُلَلِ الجنة" (٢)، ويقال: بأخْذِ ولدِكما القرآن"، ونحو ذلك مما فيه أن الوالد يحصل له نفع وثواب بعمل ولده، لكن لا يجب أن يكون مثله، ولو كان لكل والد من عمل أولاده لكان لآدم


(١) أخرجه مسلم (١٦٣١) عن أبي هريرة.
(٢) أخرجه الطبراني في "الكبير" (٢٠/ ٧٢، ٧٣) والبيهقي في "الشعب" (٤/ ٥٥٦، ٥٥٧) عن معاذ بن جبل. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ١٦٠): فيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك، وأثنى عليه هشيم خيرًا، وبقية رجاله ثقات.