للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أفضل: طولُ القراءة أو كثرة الركوع والسجود أو هما سواء؟ على ثلاثة أقوال، أصحها التسوية، كما كانت صلاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كما بسطنا القول في ذلك في غير هذا الموضع.

فصل

والصلوات المشروعة مشتملة على ذلك، على استماع لقراءة آيات الله وعلى السجود، ويدل على ذلك أنه قال بعد ذلك: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ) (١)، فعُلِمَ أن ما وصف به الذين أنعم عليهم قبل ذلك ضد الذين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، فنَعَتَ النبيين وأتباعهم بإقام الصلاة والمحافظة عليها.

ولهذا لما احتج بهذه الآيات ونحوها من أوجبَ سُجودَ التلاوة أجابَ عن ذلك من لم يُوجِبْه بأن المراد بها سجودُ الصلب المفروض في الصلوات والقعود للثناء ما يتضمن الجمع بين القراءة والسجود، كما تضمَّن ذلك أول سورة أنزلت. ومما يُشبه هذه الآيات الثلاث قولُه في آخر النجم: (أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (٦١) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (٦٢)) (٢). يذمُّ تعالى من يعجب من القرآن، ويضحك ولا يبكي بل يلهو، وأمر بالسجود لله والعبادة له.

وهذا متضمن (٣) للسجود عند سماع هذا الحديث، كما وُضِعَت الصلاة على ذلك.


(١) سورة مريم: ٥٩.
(٢) سورة النجم: ٥٩ - ٦٢.
(٣) في الأصل: "متضمنا".