للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم من اختار أنه لا يقدر على أن يَفعلَ بهم غيرَ ما فعل من الإعانة، وهؤلاء أكثر القدرية.

ولا بدَّ من بيان الكلام في ذلك على أصول العربية التي نزل بها القرآن، فإن هذه اللام التي يُنصَبُ بها الفعلُ تسميها النحاةُ لام [كَيْ]، وهي في الحقيقة لام الجرّ، أُضمِرَ بعدها "أنْ" فانتصب الفعل، ولهذا تليها الأسماء المجردة، كما في قوله: (لِجَهَنَّمَ).

والمجرور بها تارةً يكون سببًا فاعليًّا، كما تقول: فعلتُ هذا لأني اشتهيتُه وأحببتُه. وقد يكون سببًا غاليًّا، كما تقول: فعلتُ هذا ليُرضي زيدًا وليُحسن إليَّ.

وأما المنصوب على المفعول له فلا يكون إلا لسبب الفاعل، كقوله: (ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ) (١) ونحو ذلك، والفرق بينهما مذكور في غير هذا الموضع.

وأما الذين أَجْرَوا الآيةَ على مقتضاها مع الإيمان بالسنة، وقالوا: المراد أن يُعبد ويُحمد ويُشكر، فمنهم من يقول: قد وُجدَ ذلك من بعضهم. ومنهم من يقول: مقصوده أمرهم بذلك، لا نفس وجودَ المأمور به.

والتحقيق أن اللام هنا لام إرادة المحبة والرضا والأمر، لا لام الإرادة العامة الشاملة للكائنات. واللام في قوله: (وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) (٢) (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ) (٣) لام الإرادة العامة الشاملة، فتلك الإرادة


(١) سورة البقرة: ٢٠٧.
(٢) سورة هود: ١١٩.
(٣) سورة الأعراف: ١٧٩.