للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

ثبتَ في الصحيح (١) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث أم كلثوم أنه قال: "ليس الكذاب الذي يُصلِح بين الناس، فيَنْمِي خيرًا ويقول خيرًا". وثبت عنه أنه قال: "الحرب خدعة" (٢)، وكان إذا أراد غزوةً ورَّى بغيرها. وثبتَ عنه أنه قال: "بئسَ أخو العشيرة"، فلما دخلَ ألانَ له القول وقال: "يا عائشة، إن شرَّ الناس مَن وَدَعَه الناسُ اتقاءَ فُحشِه" (٣).

قالت أم كلثوم: ولم أسمعه يُرخِّص فيما يقول الناس إنه كذب إلا في الحرب والإصلاح بين الناس والرجل يُحدِّث امرأته (٤).

فهذه المعاني التي جاءت بها النصوص يجمعُها نوعان: المسالمة لمن أمر الله بمسالمتِه، والمحاربة لمن أمر الله بمحاربته. فالإصلاح بين الاثنين هو من نوع المسالمة الشرعية، وإصلاح الرجل بينه وبين امرأته من أعظم الإصلاح والمسالمة الشرعية، وكذلك إصلاح الرجل بينه وبين من يؤمر بمسالمته من إخوانه ورعيته وأئمته. فإذا كان هو مأمورًا بأن يصلح بين فئتين من المؤمنين غيره، فلأن يُؤمَر أن يُصلِح بينه وبين


(١) البخاري (٢٦٩٢) ومسلم (٢٦٠٥).
(٢) أخرجه البخاري (٣٠٣٠) ومسلم (١٧٣٩) عن جابر بن عبد الله.
(٣) أخرجه البخاري (٦٠٣٢) ومسلم (٢٥٩١) عن عائشة.
(٤) بعده في الأصل بياض بقدر ستة أسطر. وقول أم كلثوم عند مسلم (٢٦٠٥) ضمن الحديث السابق.