للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم من ذمَ الاستحسان تارةً، وقال به تارةً، كالشافعي وأحمد بن حنبل ومالك وغيرهم، ففي كتب مالك وأصحابه ذِكر لفظِ الاستحسان في مواضع (١). والشافعيّ قال: من استحسن فقد


(١) روى أصبغ عن ابن القاسم عن مالك أنه قال: "تسعة أعشار العلم الاستحسان" (الإحكام لابن حزم ٦/ ١٦ والموافقات ٤/ ١١٨ والاعتصام ٢/ ١٣٨). وواضح أنه لم يقصد به الاصطلاح، بل أراد- كما ذكر محمد بن خويز منداد-: القول بأقوى الدليلين، فالذي يذهب إليه هو الدليل، إن كان يسميه استحساناً. (إحكام الفصول ٦٨٦). وقد نقلت عن الإمام مالك مسائل معدودة قال فيها بالاستحسان ولم يُسبَق إليها، منها: الشفعة في الثمار (المدونة ١٤/ ١٣٤)، والشفعة في الدار المشتركة التي أقيمت في الأرض المحبوسة (المدونة ١٤/ ١٠٩)، والقصاص في الجرح العمد بالشاهد واليمين (المدونة ٦/ ٢١٦، ٢١٧)، وأن عقل الأنملة من الإبهام نصف عقل الإصبع (المدونة ١٦/ ١١٦ والمنتقى ٦/ ٩٢). ولعل الإمام كان يعني هذه المسائل الاستحسانية حين قال في رواية القعنبي: "ليتني جُلِدتُ بكل كلمة تكلمتُ بها في هذا الأمر بسوط ولم يكن فرطَ مني ما فرط من هذا الرأي، وهذه المسائل قد كانت لي سعة فيما سُبقتُ إليها". (جامع بيان العلم وفضله ٢/ ١٤٥). ولا نجد للاستحسان آثراً بارزاً في أصول الفقه عند المالكية، فبعضهم نسبه للحنفية والحنابلة فقط، ثم نفاه وأبطله، واعتبر النزاع فيه لا طائل تحته، وبعضهم ربطه بالمصالح المرسلة. (انظر: إحكام الفصول ٦٨٧ - ٦٨٩ وأحكام القرآن لابن العربي ٢/ ٧٤٦ ومختصر ابن الحاجب بشرح العضد ٢/ ٢٨٨ والموافقات ٤/ ١١٦ - ١١٨ والاعتصام ٢/ ١٣٧ - ١٥٠).