للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتبيَّن لك من غضب الله وعقابه على من أشرك به وكفر، ومحبته ورضاه وفرحه لمن أطاعه وأناب إليه وتاب إليه ونحو ذلك.

كما تبيَّن لك أن آيات الأمر والنهي، والوعد والوعيد، والآيات المخبرة بأن العباد فاعلون، لا تُنافي آيات القدر المتضمنة أن الله خلق أفعال العباد، فإن كثيرًا من الناس تاهوا في الغايات المقصودة، كما تَاهَ كثير من الناس في الأسباب الفاعلة، ولا بد من توحيد الربوبية بأن يكون الله خالق كل شيء وبأن يكون الله هو المعبود المقصود بذاته بالأفعال لا سواه. ولا يدفع ذلك من إثبات فعل العبد وقدرته ومشيئته واعتقاده، كما أنه لا بد من إثبات انتفاع العبد بالفعل، وأنه يعمل مصلحته ومنفعته، وأنه وإن قصد غيره فمقصده هذا، لأن في كون ذلك مقصودًا معبودًا صلاحه وانتفاعه.

فإن الناس يغلطون في هذا، فكثير من الصوفية لا يلحظون هنا إلَاّ (١) غاية الألوهية، ولا يستشعرون أن ذلك منفعة للنفس وصلاحها.

وكثير من أهل الكلام كالمعتزلة وغيرهم لا يستشعرون أن لله في ذلك محبة ورضًى وفرحًا، بل لا غاية له إلا ما يعود على العبد.

كما أنهم كذلك يتنازعون (٢) في السبب الفاعل ما بين قدريَّةٍ مجوس وجَبْرِيَّةٍ نُفاة، ومنحرفو الصوفية يغلب عليهم في الموضعين نفيُ ما في العبد من سبب وغاية، كما أن منحرفي المتكلمين من


(١) في الأصل: "الأحاديث"، وهو تحريف.
(٢) في الأصل: "لا يتنازعون"، وهو خطأ.