في عامة المسائل، كما دلَّ عليه الكتاب والسنة، وهذا مذهب مالك وأصحابه وأحمد بن حنبل وأصحابه، وكذلك مذهب أبي حنيفة والشافعي وغيرهما في أكثر الصور، لكن اختلف مذهب أبي حنيفة والشافعي في أكثر الصور، وتَابَعهم بعضُ أصحابِ أحمد.
كما اختلفوا فيما إذا وجد المسافر بئرًا، ولم يُمكِنْه أن يَصنع الحبلَ حتى يَخرجَ الوقت. أو وَجَدَ العُراةُ ثوبًا، ولم يمكنهم أن يُصلُّوا فيه واحدًا بعد واحدٍ حتى يَخرُجَ الوقت. أو كانوا جماعةً في سفينةٍ، وليس هناك موضع يقومون فيه إلا موضعًا واحدًا، ولا يمكنه الصلاة في الوقت إلا مع القعود، أو أمكنَه تعلُّم دلائلِ القبلةِ، ولكنه لا يتعلم ذلك حتى يخرج الوقت، أو أمكنَه أن يَخِيطَ ثوبَه ولا يتم ذلك حتى يخرج الوقت. ففي هذه المسائل نزاعٌ في مذهب الشافعي، ونصوصُه اختلفت في ذلك، فمن أصحابه من خرَّج، ومنهم من أقرَّ، ووافقَه بعض أصحاب أحمد. وأما أحمد وسائرُ أصحابه وكذلك مالك وغيرُه ما علمتُهم اخَتلفوا في تقديم الوقت في هذهَ المواضع، كما اتفق المسلمون كلُّهم على تقديم الوقت في المتيمم إذا عَدِمَ الماءَ في السفر، وفي العُريان، وفي المريض والخائف، فإنهم متفقون على أنَّ هؤلاء يُصلون في الوقت بحسب حالِهم، ولا يُفوِّتون الصلاةَ. ولم يتنازعوا إلا في حالِ القتال كما تقدم، وكذلك الآمن الذي لا يمكنه التعلُّم حتى يخرج الوقت.
والمقصود هنا ذِكرُ الجمع، وأن الجمع بين الصلاتين بالتيمم خيرٌ من الصلاةِ في المكان المنهيِّ عنه، كما أنها خيرٌ من الصلاةِ عُريانًا،