للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كل مولود يولد على الفطرة- وفي لفظ: على هذه الملة، وفي لفظ: على فطرة الإسلام- فابواه يُهوّدانه ويُنصِّرانه ويُمجّسانه، كما تُنتَج البهيمةُ بهيمةَ جمعاءَ، هل تُحِسُّون فيها جدعاء"، ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) (١).

وذلك قوله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢)) (٢).

الوجه الثاني: أن الحب يتبع الشعور، فإذا شعر بالحق مجملَا أحبه مجملَا، وإذا شعر به مفصلَا أحبه مفصلَا، لا بد من الشعور به ومحبته ولو مجملا، وإن لم يكن ذلك أصل مقصوده كان معلولَا، فإن من كان مطلوبه الحق من حيث هو حق، غير متبع لهواه المخالف للحق، فإنما مقصوده في الحقيقة هو الله، فإنه الحق المحض، إذ كل مخلوق فإنما قِوامُه به، وبه صار موجودًا، ثم إنه قد يشعر أولَا بموجود قديم، أو موجود واجب، إذ الوجود شاهد بأنه لا بد فيه من قديم واجب، إذ يمتنع أن يكون الوجود كله مُحدَثَا ممكنًا، فإن ذلك لا يكون بنفسه، وهذا من أوضح المعارف الضرورية، فالإقرار بموجود


(١) سورة الروم:٣٠. والحديث سبق تخريجه.
(٢) سورة الروم: ٣٠ - ٣٢.