للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

/فقول القائل: "إن حوائج الخلق تنتهي إليه"، إن أراد به ما يحتاج إليه الخلق من الرزق والهدى والرزق (١) يُحدِثُه الله بواسطته، فقد جعل بين الله [و] (٢) بين خلقه ربًّا متوسطًا، كما يزعمه المتفلسفة في العقل الفعال، وهو كفر صريح بإجماع أهل الملل.

ثم إنه من أظهر الكذب، فإن أفضل الخلق محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وبعده أولو العزم كإبراهيم وموسى وعيسى، ونحن نعلم قطعًا أن عامة ما كان الله يُحدِثُه في زمانهم لم يكونوا متسببين فيه، ولا كانوا يعلمون به، وقد قال الخضر لموسى لمّا نَقَر العصْفورُ في البحر: "ما نَقَصَ علمي وعلمك من علم الله إلاّ كما نَقَصَ هذا العصفور من هذا البحر" (٣) فإذا كان هذا في العلم الذي لا تأثير معه، فكيف بالتأثير في الملك.

ومن قال: إن طير الهواء وحيتان البحر ووحوش الفلا والكفّار الذين بأرض الهند والأجنَّة في بطون الأرحام تجري منافعهم ومصالحهم على يد رجلٍ من البشر، فقد قال نظيرَ ما يقوله النصارى في المسيح، وكان قوله من أعظم الكذب القبيح (٤).


(١) كذا وردت "كلمة" الرزق مرة ثانية في الأصل.
(٢) زيادة لا توجد في الأصل.
(٣) أخرجه البخاري (١٢٢، ٣٤٠١. ٤٧٢٥، ٤٧٢٧) ومسلم (٢٣٨٠) من حديث أبي بن كعب.
(٤) بعده في الأصل: "ثم إن"، ثم بياض في باقي الصفحة بقدر ستة أسطر، وكأن المؤلف أراد أن يكتب شيئًا، ثم عدل عنه.